العدد 689 - الأحد 25 يوليو 2004م الموافق 07 جمادى الآخرة 1425هـ

الرئيس الألماني يعتذر من بولندا

في أول زيارة خارجية

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

المكان في مدينة دانسيغ البولندية: الرئيس الألماني هورست كولر يضع إكليلا من الورد أمام نصب يخلد المقاومة البولندية ضد النازيين. سرعان ما نزل دمع من عين الرئيس الألماني ثم حاول أن يشد أعصابه حين بدأت فرقة عسكرية عزف النشيد الوطني البولندي. ما كان يعرف عن كولر حين كان يشغل منصب وكيل الدولة في وزارة المالية الألمانية أنه بارد الأعصاب، لكن هذا لم ينطبق على كولر حين زار بولندا، البلد الذي تربط ألمانيا به علاقات غير عادية تسيطر عليها المشاعر. ليس هناك بلد في أوروبا عانى أكثر مما عاناه البولنديون من حكم النازيين.

اختار الرئيس كولر عن تصميم أن يكون بولندا أول بلد يقوم بزيارته بعد تسلمه منصبه في مستهل الشهر الجاري. الزيارة هي في الوقت نفسه رسالة واضحة إلى البولنديين بأنه ليس هناك داع للشعور بالقلق من الجيران الألمان. وقامت زعيمة الاتحاد المسيحي المعارض أنجيلا ميركل بمتابعة زيارة كولر إلى بولندا فهي التي ساهمت في حصوله على منصب الرئاسة. وكل خطأ يقوم به كولر ستحاسب هي أيضا عليه. هل البكاء أمام نصب المقاومة البولندية خطأ؟ لا بد أن القلق أصابها وهي تشاهد الرئيس عاجز عن أن يضبط مشاعره.

كولر لديه خبرة في الحديث مع رؤساء الدول وكان يتفاوض معهم حين كان مديرا لصندوق النقد الدولي، لكنه اليوم يخضع لمراقبة خاصة من الرأي العام وأيضا من أنجيلا ميركل ومن المستشار غيرهارد شرودر. كولر مولود في بولندا وفي سيرة حياته تحدث عن العلاقة الصعبة بين ألمانيا التي هاجر إليها مع والديه وبولندا ويترتب عليه اليوم الإجابة عن أسئلة صعبة منها هل ينبغي تقديم تعويضات لبولندا نتيجة جرائم النازيين؟ وما هو رأيه بإنشاء مركز للمهجرين من المناطق التي كانت سابقا خاضعة لألمانيا وهي اليوم تقع ضمن أراض بولندية وتشيكية؟ لاشك أن ميركل راحت تنصت باهتمام كبير لأقوال كولر الذي لم يقدم تنازلات وكل ما فعله أنه كرر العبارات التي ذكره سلفه يوهانيس راو حين قال إنه ليس من المفيد تبادل الاتهامات. وأكد تمسكه بالحفاظ على العلاقات التقليدية بين البلدين. كل ما قام به كولر خلال زيارته لبولندا قام به الذين سبقوه في منصبه إذ اعترف بالذنب الألماني تجاه هذا البلد ودعا إلى التعايش السلمي في أوروبا موحدة ومسالمة. حين تقدم منه شاب طالبا الحصول على توقيع منه للذكرى استجاب كولر لطلبه من دون أن يقول كلمة واحدة. ربما لم يعرف ما يقوله في هذا الموقف الجديد عليه.

من بولندا توجه الرئيس إلى باريس المحطة الثانية في أول زيارة يقوم بها إلى الخارج. باريس المحطة التقليدية التي يزورها كبار المسئولين الألمان بعد تسلمهم مناصبهم مثل الرئيس والمستشار ورئيس البرلمان. في لقائه مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك قال كولر في إشارة منه إلى الخلاف القائم مع الولايات المتحدة إنه ينبغي على الأوروبيين أيضا أن يخطو خطوة إلى الأمام تجاه الولايات المتحدة لحل هذا الخلاف. لا يظهر أن الرئيس شيراك أعجب بهذا الرأي. وانتهت المقابلة بعد عشر دقائق من الموعد المحدد لنهايتها.

في طريق العودة بحث مع مستشاريه السياسة التي يريد العمل بها ليكون رئيسا مغايرا للذين سبقوه في منصبه، كما طرح فكرة زيارة إفريقيا، ما يوحي أنه يفضل مجال السياسة الخارجية وإبداء التحفظ تجاه قضايا السياسة الداخلية. ميركل مسرورة بنفسها وبالرجل الذي اختارته في منصب رئيس الجمهورية

العدد 689 - الأحد 25 يوليو 2004م الموافق 07 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً