العدد 689 - الأحد 25 يوليو 2004م الموافق 07 جمادى الآخرة 1425هـ

الشيخ صبحي ومفاتيح الجنة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

جلست أمام شاشة التلفاز وأنا اسمع كلمات الشيخ صبحي الطفيلي من على شاشة «الجزيرة»... حقيقة لم اتعجب من طبيعة خطاب الشيخ وهو يجلس بأستاذية ليوزع صكوك الغفران على الحركات الاسلامية والرموز وخصوصا رموز المقاومة الاسلامية... الشيخ فتح النار على أكثر من شخصية بمن فيهم السيدحسن نصرالله... من على منصة «الجزيرة» راح يقدم دروسا للكفاح والتضحية، وكيف تكون الامانة وعدم الخيانة لـ «الثوابت» و«المبادئ» وهذا العزف اليومي الذي مازال يخلق ندوبا في جسد الحركة الاسلامية.

عضلات الشيخ صبحي كانت واضحة، ونبرات الصوت كانت تتضخم كلما اقترب الرجل من نقد «اسرائيل» و«الدولة اللبنانية»... هكذا وبكل انسياب وبلا أخذ نفس راح « سماحة الشيخ » يوزع بعض يقينياته السياسية على المجتمع... كل الناس خونة إلا هو، كل الناس متآمرون إلا سماحته... المحاور قال له: سماحة الشيخ هل يوجد أكثر مما قدمته المقاومة، شهداء، ضحايا، اموال... السيدحسن قدم ابنه للمقاومة... ماذا تريد اكثر من ذلك، وفوق كل ذلك النصر وعودة الاسرى؟ الشيخ هرب من السؤال، وأصر على ان المقاومة اصبحت تحمي «اسرائيل» على الحدود، وأن المقاومة «مُيّعت» من قبل الحكومة اللبنانية فهي مخترقة...

لست من هواة عبادة الشخصيات، ولكنني من دعاة الانصاف والاعتدال في الحكم... اذا أخطأ أحد فيجب ان ننظر إلى كل التاريخ الماضي والحاضر، ونقسمه على عشرة لكي نخرج بالنتيجة... التطرف هو اساس ابتلائنا في المجتمع الشرقي، ولا توجد وسطية في الحكم او اعتدال. ويزداد المرض عندما يعتبر الانسان نفسه هو الله على الارض... هذه الوثنية هي التي تجعل بعضا من اللبنانيين يتمسحون بالشيخ من دون ان يعلموا الى اين يقودهم... طبعا شعبية الشيخ ليست مخيفة، واداؤه في الخطاب ورّطه كثيرا. هذا التطرف التلفزيوني يزيد من شرنقته، ولا يختلف كثيرا عن ثقافة قطع الرؤوس وان كان نظريا. لا احد يختلف على ان في لبنان فسادا ماليا واداريا، وان هناك جوعى ولكن القضية كيف تعمل لمعالجة هذه الأمور، بالمنطق والواقعية وليس باطلاق النار من الفضائيات على الجميع بمن فيهم السيد حسن.

سيكولوجيا، من يتطرف في شيء لا تتعجب منه اذا ما وقف في الضفة الاخرى في اليوم الآخر كما قال الامام علي بن ابي طالب (ع) «هلك فيّ اثنان محب غال ومبغض قال»، من ألّهوا عليا كفروه بعد ذلك. والتوازن والاعتدال والانصاف في الحكم هو الاسلوب الصحيح. الشيخ الطفيلي كان يُعرف ايام مجده الشعبي بالرجل الناري... واليوم فقد كل شيء ولم تبق له الا هذه المقابلات المتقطعة التي تذكرنا به كل سنة مرة. اصبح التلميذ نصرالله رجل الساحة العربية، وفرض شخصيته بخطابه الذكي والواعي والمتزن على الجميع... لا اعلم لماذا لم يتحقق النصر في الجنوب على يد الشيخ الطفيلي، ولماذا لم يعد اسير واحد من «اسرائيل» على يد سماحة الشيخ؟ ولماذا لم تفتح «المنار» او تبنى المؤسسات من معاهد ومراكز و... و.. في أيام أمانته العامة المحترمة؟! حتى الحضور الرسمي تم بفضل نصرالله، إذ اصبحت لانصار المقاومة مقاعد في البرلمان والبلديات.

ولو بقيت العملية على «مبادئ» الشيخ ويقينياته التي يوزعها لاصبح حال الجنوب والبقاع حالا مهملا على شتى الأصعدة، ولأصبحت خسارة القواعد الشعبية خسارة كبرى.

يقول السيد نصرالله في كتاب «خطاب عاشوراء» في ص 59: «لا يجوز ان يكون احدنا اسير شعارات بالمطلق... (هيهات منا الذلة) ليس شعار الحسين فقط، كما أن المصالحة ليست شعار هذا الامام او ذاك، وليست صالحة لكل مرحلة، بل في كل مرحلة لنا تكليف محدد»، وفي ص 63: «لا أحد يناقش في أحقية المطالب، بل في الاسلوب، اي كيف نخدم شعبنا». الشيخ صبحي اختلف مع المقاومة فأخذ يطلق النار عليها وعلى رموزها في كل مقابلة وفي كل تصريح وكأنه البوابة الاخيرة للطريق الى الجنة وبقية الطرق كلها الى النار، هذا الخطاب خطير وخصوصا في القضايا السياسية.

السيد نصرالله ليس بحاجة لأن اترافع عنه فيكفيه تاريخه، وجهاده، وقربانه الذبيح الذي مازال يتدفق ساخنا مع دم الحسين (ع) في الجنوب اللبناني مع مياه الحاصباني والزهراني. قدم نصرالله الكثير من الانجازات والمكاسب للناس، فنحن نظلمه عندما نريد منه ان يكون إلاها. وقديما كان جمال عبدالناصر يردد «اللهم إني اعوذ بك من اصدقائي، اما اعدائي فانا كفيل بهم»... اعداء النجاح كثيرون، والشتيمة - كما يقول نزار - في العالم العربي دليل على انك تفوقت ووصلت. سيستيقظ نصرالله ذات صباح، وسيعلم ان هذه الحجارة التي تلقى عليه لن تؤذيه لانها ستجعل منه تمثالا... وكذلك يكون العظماء.

إشارات:

- آخر تقليعة لمعهد البحرين للتدريب الأسعار الجنونية للرسوم، الظاهر بعض المسئولين يريدون الناس تبيع ثيابها حتى تلتحق بالمعهد الكريم.

- مفاجآت مقبلة من وزارة الاعلام و«يأتيك بالأخبار من لم تزود».

- ما قصة سبعة في قبال واحد، ومن وراء ذلك؟

- التربية أخيرا ستوظف 45 من خريجات اللغة العربية، ولكن أين ستذهب خريجات الخدمة الاجتماعية والجغرافيا التطبيقية وبقية الخريجات اللاتي اقحمن في مشروع نظام الفصل.

- ما قصة مسئول ما بـ .... في الشئون السياسية.

هذا ما سنتناوله لاحقا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 689 - الأحد 25 يوليو 2004م الموافق 07 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً