طالعتنا صحيفة "الوسط" باللقاء الذي أجراه عباس بوصفوان مع الوزير الحالي والمعارض السابق مجيد بن محسن العلوي، وجاءت ردود الوزير بطريقة فيها الكثير من الاستفزاز، وبردود أعتقد أنه نفسه غير مقتنع بها وأن منصبه يفرض عليه أن يرد بمثلها. لدي، باعتباري مواطنا غير منتم لأية جمعية سياسية، الكثير من الأسئلة والتوضيحات لوزير العمل، وهي بالتأكيد غير غائبة عنه بحكم تجربته في المعارضة سابقا وفي السلطة حاليا. قال الوزير: إن 35 في المئة شاركوا في الانتخابات البرلمانية التي قوطعت من طرف بعض الجمعيات، علما أن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية لم تتعد 06 في المئة. ألا يعتقد الوزير أن نسبة الـ 89 في المئة التي حاز عليها ميثاق العمل الوطني عند التصويت عليه كانت بفضل توجيهات المعارضة، وبالتالي فإن من قاطع الانتخابات البرلمانية كان ذلك استجابة لرؤية من ارتأى المقاطعة؟ ألم تكن نتيجة الانتخابات البلدية في صالح مرشحي الجمعيات التي قاطعت الانتخابات البرلمانية على رغم نسبة الـ 06 في المئة، وبالتالي فإن جزءا كبيرا ممن لم يذهبوا للتصويت في الانتخابات البلدية هم من قوى الجيش والشرطة والمجنسين، كما أن بعض الدوائر في الانتخابات البرلمانية كانت نتيجتها بالتزكية؟ لذلك، فإنه لا وجه للمقارنة الصادقة بين الانتخابات البلدية والانتخابات البرلمانية. قال الوزير: الجمعيات المقاطعة لا تمثل المقاطعين أو الشريحة الاجتماعية التي لم تشارك في الانتخابات، هي تمثل أعضاءها فقط، بل وتمثل الأعضاء الذين لا يودون المشاركة، لأن بعض الأعضاء راغبون في دخول البرلمان. كيف يفسر الوزير التمثيل؟ إذ بمنطقه هذا فإن كل عضو ممن دخل البرلمان يمثل من صوت له فقط. كيف يفسر سعادته حضور الجموع الغفيرة التي حضرت في الساحة الخارجية لنادي العروبة بناء على الدعوة الموجهة من الجمعيات المقاطعة قبيل الانتخابات البرلمانية؟ كيف يفسر إقبال عدة آلاف على الانتساب للجمعيات المقاطعة حتى تتمكن فقط من توقيع العريضة الدستورية؟ ألم يكن ذلك استجابة من هذه الآلاف لأستاذك الذي تأتم به في الصلاة؟ "قد نختلف في الكثير مع هذه الجمعيات، ولكن علينا أن نعبر عن الواقع، ويجب على جميع الأطراف عدم الهروب حتى نفتش عن الحل". مادامت هذه الجمعيات لا تمثل إلا أعضاءها فقط! فلماذا هذا الاهتمام بها وأعضاؤها لا يتجاوزون بضع مئات؟! قال الوزير: الأمل أن نستطيع الكلام مع الجمعيات لنوضح لهم أهمية المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة. هذا هو الهدف، وكذلك أن أناقش ما عندهم من إشكالات بشأن الدستور وعرضها على المختصين والمجلس الوطني، فإذا أمكن أن تجرى التعديلات قبل 6002 من قبل المجلس الوطني فبها، وإلا فبإمكانهم طرحها بعد دخولهم برلمان .6002 الهدف من الحوار أن نسمع ما لدى الجمعيات من إشكالات على الدستور! الوزير لم يسمع من قبل ما لدى الجمعيات من إشكالات على الدستور، وكأنه للمرة الأولى يود أن يسمع عن هذه الإشكالات، وهو الوزير الذي خبر العمل السياسي معارضا ومشاركا في السلطة! هل يعتقد الوزير جازما أن يستطيع برلمان نصفه منتخب ونصفه معين أن يجري تعديلات دستورية لا ترغب فيها السلطة؟ إن الجزء المنتخب من البرلمان لم يستطع أن يقوم بمحاسبة الفساد الذي تم في صندوق التقاعد والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، لم يستطع وضع النقاط على الحروف في مسألة التجنيس "مع كل التقدير للكثير من العناصر الوطنية المخلصة الموجودة في هذا المجلس". قال الوزير: الآلية موضوع غير قابل للتفاوض. لا ندري، هل ما جرى وسيجري مع الجمعيات هو استماع أم حوار أو تفاوض، لأن لكل مصطلح من هذه المصطلحات معنى يؤدي إلى نتيجة؟ وقال أيضا: الحكومة تعتقد أن التعديلات الدستورية تمت وفق ما جاء في ميثاق العمل الوطني، والبعض في المقاطعة يقول إنه ليس كذلك. المهم أن تدخل البرلمان وتقول إنك موافق على كذا ومعارض كذا، لا أن تجلس في الخارج مثل الولد الزعلان لأنه لم يسمح له باللعب. ليس من في المقاطعة فقط من يقول إن التعديلات الدستورية لم تتم وفق ما جاء به ميثاق العمل الوطني، بل إن البعض ممن شارك يقول كذلك "المنبر التقدمي والوسط الإسلامي". علما أن نصوص الميثاق واضحة، وقد أكد بعض أقطاب السلطة قبل التصويت على الميثاق أن مهمة التشريع ستكون محصورة في المجلس المنتخب فقط، وعلى هذا الأساس توجهنا للتصويت بنعم على الميثاق. أما تشبيه الوزير لهذه الجمعيات بالولد الزعلان لأنه لم يسمح له باللعب، فهو تشبيه غير مقبول منه لجمعيات تملك رصيدا ناصعا من العطاء والتضحيات والرصيد الجماهيري الواسع، وبالتأكيد أنهم لو رغبوا في المشاركة فإنهم سيحصدون الكراسي التي سيترشحون لها من دون منة. قال الوزير: يوجد بعض المقاطعين ليس من مصلحته الدخول في الانتخابات، لأنهم لن يحصلوا على موقع في البرلمان، وسيخسرون موقعهم الحالي على الساحة. أتفق مع الوزير أن موازين القوى حاليا هي لصالح التيارات الدينية، ولكن هذه حال لن تدوم والميزان قابل للتغيير متى ما استطاعت قوى التيارات التي لا تنتمي إلى الإسلام السياسي أن توحد صفوفها والعمل وسط الناس والدفاع عن مصالح القوى الشعبية. بالتأكيد أن الحوار مع الوزير لم ينته
العدد 685 - الأربعاء 21 يوليو 2004م الموافق 03 جمادى الآخرة 1425هـ