تعتبر أعمال الولايات المتحدة "أو يعبر عن ماهية أعمالها" عودة إلى استعمار العالم والسيطرة عليه، وما ذلك بغريب على المتتبع للصراع بين أقطاب الأقوياء، ماديا تكنولوجيا وتقنيا وقوة مادية، وذلك للسيطرة على العالم وموارده، وتساندها أو تبرر استخدامها المفرط للقوة، مبادئ الديمقراطية وحرية الشعوب، والشعارات الأخرى التي تسوقها للعالم المقصود احتلاله. فهل التاريخ يعيد نفسه؟ تاريخ الغزوات واستعمال القوة في السيطرة على موارد الشعوب، وتحويل البلدان إلى إقطاعيات خاضعة للدولة الأقوى متشدقة - هذه الأخيرة - بمبادئ فلسفية راقية كالعدالة وحرية الإنسان وكفالة حقوقه في الحياة والتعبير عن الرأي والعيش بأمان، وبالتالي فالقرار السياسي في الشأن المحلي مخترق في سبيل تطبيقات تلك المبادئ السامية، والسيادة الوطنية منتهكة في سبيل سيطرة مبادئ ومفاهيم الطرف القوي، فالحرب على القوى الاجتماعية المعارضة للسياسات الاميركية تترى، مرة بالتذرع بمنابع الارهاب أو تصدير الحرية الأخلاقية منها واللا أخلاقية التي تساعد على تفكيك وزوال الأمم والحضارات، وتارة أخرى بحماية الأقليات العرقية أو الدينية/ المذهبية، أو الادعاء بمساندة المرأة في نيل حقوقها، أو مساعدة الدول المتخلفة على النهوض من نير الفقر والتخلف، وهكذا. والسيادة الوطنية هي: "ان تتمتع الدول بالحقوق الكاملة في السيادة التامة في النطاق الخارجي، وفي النطاق الداخلي، وان تحترم شخصية الدول وسلامة أقاليمها واستقلالها السياسي" وموضوع السيادة الوطنية للدول، يطرح نفسه اليوم على الساحة العربية في أكثر من موقع. وما يعنينا في موضوع السيادة الوطنية للدول هو ما ذكرته "قناة الجزيرة" في تقريرها: تأتي أزمة الحوثي في إطار الحملة التي يشنها اليمن على الأشخاص الذين يشتبه في انتمائهم إلى شبكة القاعدة منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 1002 على الولايات المتحدة وسلسلة هجمات أخرى داخل اليمن، وبعد اغتيال الحارثي المنتمي لتنظيم "القاعدة"، بحسب تعبير الأجهزة الأمنية الأميركية واليمنية، واغتيال السيادة في البلاد السعيدة، وبعد عودة الرئيس اليمني من اميركا أعد العدة كاملة، واتخذ القوة سبيلا لذلك، بل تعمدت السلطات الاستخدام المفرط للقوة، وتأكد ذلك من عدة مصادر منظمة حقوق الإنسان ومن تأكيد "الوسطاء" على أن السلطة استخدمت القوة بشكل مفرط في التعامل مع "الحوثي وانصاره". وعلى ضفتي دجلة والفرات تنصب اميركا من تشاء وتعتدي على المدنيين. والسيادة الوطنية المنتهكة، والقرار الوطني المخترق، ينطبق على واقع الكثير من الدول القريبة والبعيدة، وبمقادير مختلفة، وبمبررات مختلفة، واختلاف الاساليب لا أثر له على المضمون، وهو انتهاك السيادة الوطنية والقرار الوطني للدول العربية، والتحكم بمصائر الشعوب، وإعادة رسم وفرز للقوى الاجتماعية السائدة والمتسيدة على الساحة، في الدول العربية قاطبة
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 685 - الأربعاء 21 يوليو 2004م الموافق 03 جمادى الآخرة 1425هـ