من المعروف أن بعض دول العالم تأخذ بنظام الحكم الجمهوري وأخرى تأخذ بالنظام الملكي، لكن الأمر قد يختلط في العالم العربي فيما يطلق عليه بعض المعلقين النظام "الجمركي" أو "الدول الجمركية"، إذ إن الرئيس الجمهوري يفترض أنه يصل إلى السلطة عن طريق الانتخاب أما في الدول العربية فإنه يصل بالانقلاب العسكري أو بالوراثة في أوقات كثيرة. ومثال ذلك ما حدث في سورية بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد، وليتولى نجله بشار سدة الحكم حدث انقلاب دستوري وتم تعديل الدستور بما يتناسب وجرى استفتاء شعبي لتأكيد التعديل. وقد يتكرر ذلك السيناريو في مصر إذ يعد نجل الرئيس المصري جمال مبارك العدة لدخول المعترك السياسي، وكثيرا ما أثير ذلك في أوساط وسائل الإعلام التي تطرح أيضا الفراغ في منصب نائب الرئيس الذي كان يشغله مبارك الأب في عهد الرئيس أنور السادات، بيد أن الرئيس المصري لم يحرك ساكنا في هذا الصدد... وظل ينفي في الوقت نفسه فكرة تولي نجله خلفا له، على رغم أنها فكرة واردة للغاية وخصوصا أننا نتحدث عن دولة عربية. وفي بعض الأحيان إن لم نقل غالبيتها، لا يختلف الأبناء كثيرا عن آبائهم، ولا تكون لدى الأبناء نوايا جادة وحقيقية للإصلاح والتطوير، وإنما تكون لديهم أفكار لتجميل الوجه بشيء من الديكور. إلى جانب ذلك، فإنه ليس بالإمكان التخلص منهم بالانقلاب العسكري. كما إننا لا نتخلص منهم بالانتخاب. ولم تعتبر الكثير أو كل الزعامات العربية في دكتاتوريتها بما جرى للكثير من زعماء العالم من شاه إيران إلى صدام وحتى الرئيس الجورجي المخلوع إدوارد شيفرنادزه. فالنظام الرسمي العربي يتجه نحو المزيد من الدكتاتورية والتباعد عن أفراد الشعب وتركيز مختلف السلطات بأيديهم وخنق الحريات العامة ووسائل الإعلام، وتضرب بالكثير من حقوق الإنسان عرض الحائط. ومضى على بعض الزعماء العرب أكثر من عشرين عاما لم يحققوا خلالها أية إنجازات يعتد بها، بل تفاقم الفساد الاقتصادي وتفشت البطالة واستفحلت الأمية. وإلى جانب ذلك طبعا المزيد من التبعية لاميركا وحماية مصالحها بشكل يجعلها أولى من المصالح الوطنية. وفضلا عن كل هذا، فإن الدول العربية ترفض أية خطة للإصلاح الخارجية أو حتى الداخلية خشية التزحزح قيد أنملة عن كراسي الحكم، متصورين أنهم زعماء شرعيون لذلك يحيطون أنفسهم بهالة من الهيبة والتحدي حتى بعد سقوطهم كما هو حال صدام. أما المعارضات العربية، فبعضها لا يبدو أنه يختلف كثيرا عن الحكومات الحالية وفي بعض الأحيان تصمت بعض المعارضات بمجرد أن يملأ فاهها بحفنة من الدولارات، وأخرى ليس لديها بديل يمكن أن يحل محل تلك الزعامات، وليست تلك هي المعارضات الحقيقية التي تمثل الصوت الآخر المضطهد داخل الدول العربية. أما الشعوب فإنها ضعيفة ومستضعفة، يبحث بعض أفرادها عن لقمة العيش لا أكثر. وهي شعوب عاطفية للغاية بما يجعلها متخاذلة في بعض الأحيان، لكننا على ثقة أن شعوبنا فيها قطاع عريض - أو سيكون كذلك - من العقول الواعية المستنيرة التي يمكنها أن تحقق تغييرا في أوضاعنا المتردية، والحل محل تلك الحكومات التي خذلت شعوبها وأغلقت الباب أمام التقدم والرقي في العالم العربي، بما جعلنا طابورا خامسا أو حتى عاشرا على مستوى العالم
العدد 683 - الإثنين 19 يوليو 2004م الموافق 01 جمادى الآخرة 1425هـ