العدد 682 - الأحد 18 يوليو 2004م الموافق 30 جمادى الأولى 1425هـ

بوش وبلير والثمن الغالي لكذبة أسلحة الدمار الشامل

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

السبب الرئيسي وراء لجوء الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش وحليفه رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير لشن حملتهما العسكرية على العراق، كان الزعم بامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل. كثيرون وجدوا هذا الزعم في محله نتيجة الخبرة الطويلة مع النظام العراقي السابق وكذلك نتيجة لعبة القط والفأر بين صدام حسين ومفتشي الأمم المتحدة. حتى أن كثيرا من الذين لم يقتنعوا بالنهج الحربي للتحالف الأميركي البريطاني كانوا على ثقة بأن صدام حسين لا بد أنه يعمل في برنامج تسليحي.

قصة حرب العراق أصبحت معروفة وكذلك ما آلت إليه من نتائج وفي مقدمتها: أنه لم يجر حتى اليوم التوصل إلى مكان الأسلحة المزعومة ولم يتم التوصل إلى مكان برنامج التسليح الذي كان يهدد بدمار واسع. من النتائج أيضا تشكيل لجنتين للتحقيق بهذه المزاعم واحدة من قبل مجلس الشيوخ الأميركي التي سعت إلى التحقيق ما إذا كانت المعلومات التي زودتها أجهزة الاستخبارات للبيت الأبيض صحيحة أم لا. وما خرجت به اللجنة كشف أن هذه المعلومات لم تكن صحيحة. لجنة اللورد باتلر التي تشكلت في بريطانيا للتحقيق في مزاعم رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير توصلت إلى نتيجة مماثلة على رغم أنها لم تستخدم لهجة شديدة لرئيس الوزراء البريطاني.

الثمن الذي قدمه بوش وبلير لقاء المزاعم الكاذبة سيكون باهظا ويبدأ بخسارة السمعة والصدقية السياسية داخل البلاد وخارجها. وسيتعين على بوش مواجهة صيف حار لأنه مضطر إلى مصارحة الأميركيين عن سبب سعيه لتغيير النظام في العراق وتحميل الخزانة الأميركية كلفا عالية. ومما لاشك فيه أن حرب العراق ستؤثر على انتخابات الرئاسة الأميركية وستكشف إن كان الناخبون يؤيدون هذه الحرب أم لا. أما بلير فمن المحتمل أن يشعر بنقمة الناخبين في كل عملية انتخابية جديدة.

لماذا قدمت أجهزة الاستخبارات معلومات ضعيفة ولماذا جعلوا منها أدلة ثابتة؟ هل لأنهم تعرضوا لضغط من قبل المسئولين السياسيين الذين سعوا منذ البداية إلى هذه الحرب لفرض هيمنتهم الإمبريالية على منطقة الشرق الأوسط؟ كثيرون مارسوا الكذب في هذه القضية وأيضا ألمانيا لأن وزير الخارجية الأميركي كولين باول استخدم معلومات أعدتها المخابرات الألمانية حين ألقى كلمته الشهيرة أمام مجلس الأمن الدولي في فبراير/ شباط العام 2003.

ينبغي استرجاع الذاكرة والحديث عن عاملين: أولهما أن الاستخبارات الغربية قللت في الماضي من شأن ترسانة الأسلحة العراقية. ثانيا أن العراق ساهم بنفسه في نشر الشائعات لأنه وضع العراقيل أمام المفتشين الدوليين. وكذلك حقيقة أن بوش وبلير ركزا منذ البداية على غزو العراق وخصوصا بعد هجوم الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول العام 2001. هذا الهجوم ساعد في خلق الجو المناسب لشن الحرب وكل من بوش وبلير سعيا إلى الربط بين الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل.

حصل ما حصل وماذا يمكن الاستفادة منه نتيجة لكل ما حصل؟. إن أعضاء البرلمانات ومعهم الناخبون سيساورهم الشك في المستقبل حين يتحدث بوش وبلير عن مخاطر جديدة، في إفريقيا أو في آسيا. في الحقيقة هناك مخاطر في العالم لكن بعد تجربة العراق سيصبح من الصعب جدا الحديث حولها لأن السياسة مارست الكذب وكذلك أجهزة الاستخبارات وأيضا الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني.

وقال بوش إنه عازم على إتمام مهمة العراق حتى النهاية، ديمقراطية وحقوق إنسان إلى غير ذلك. كان بوسع المرء أن يصدقه لو أنه لم يتحايل على شعبه وعلى العالم وهذا ينطبق أيضا على بلير، ماذا تريد الولايات المتحدة وبريطانيا من العراق والشرق الأوسط؟ هل عاد الاستعمار إلى المنطقة العربية؟ من الهدف التالي؟ أسئلة بحاجة إلى إجابات

العدد 682 - الأحد 18 يوليو 2004م الموافق 30 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً