على رغم اختلافي مع الذين يدافعون عن صحة قرار المشاركة ويخطئون قرار المقاطعة، أو مع الذين يدافعون عن قرار المقاطعة ويخطئون قرار المشاركة، فإن للمقاطعين أسبابهم الصحيحة والوجيهة، والعكس صحيح أيضا، فإن للمشاركين أسبابهم وتبريراتهم الصحيحة والوجيهة. يعتقد البعض أن هذا الرأي يحمل التناقض، ويكون ذلك صحيحا وهذا رأي أعتقد أنه موجود لدى الكثيرين، فالمقاطعة أضعفت المشاركة، والعكس صحيح فإن المشاركة أضعفت المقاطعة، والمحصلة لذلك هو أن القوى صاحبة المصلحة الحقيقية في الإصلاح وتحقيق المكتسبات لشعبنا هي الخاسرة.
أعود وأتساءل: هل أن ما جرى في لقاء الجمعيات الأربع مع وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي هو بداية حوار سياسي بين الحكم وهذه الجمعيات، أم هو حوار بين وزير العمل مع جمعيات خاضعة لقانون الجمعيات؟، إذ إن أخبار هذا الاجتماع وفحواه شحيحة، فلا يمكن أن تعطي وصفا لهذا اللقاء بأنه حوار أو بداية حوار سياسي بين الحكم وهذه الجمعيات أو الجمعيات الأخرى التي اجتمع بها الوزير في يوم لاحق، وخصوصا إذا علمنا أن هناك موظفين من وزارة العمل حضروا اللقاءين اللذين تما مع الجمعيات الأربع ومع الجمعيات التسع، ولا يمكن وصف هؤلاء الموظفين إلا بصفتهم الوظيفية، ربما يكون بعضهم أعضاء في جمعيات أخرى شبيهة بالجمعيات التي اجتمع بها الوزير، ووصف الوزير هنا بصفته المسئول الذي تخضع هذه الجمعيات لسلطاته القانونية يحكم خضوعها لقانون الجمعيات، وكان الأجدر أن يتم الحوار بين الجمعيات سواء الموصوفة بالجمعيات المقاطعة أو الموصوفة بالجمعيات المشاركة مع وفد يمثل الحكم سياسيا، وأن يعلن الهدف الحقيقي من هذا الاجتماع.
ان الحوار الصحيح والحقيقي بداية يجب أن يكون بين قوى المجتمع صاحبة المصلحة الحقيقية في الإصلاح والتغيير من دون تعال ومن دون نرجسية، ومن دون توزيع صكوك الوطنية على البعض، والتشكيك في وطنية الآخرين ووصفهم بنعوت غير مقبولة.
من دون حوار صادق وفعال بين هذه القوى عن جميع المسائل وفي مقدمتها المسألة الدستورية وتجميعها حول الحد الأدنى المقبول منها جمعيا في هذه المرحلة، ومحاورة الحكم موحدين، لا يمكن تحقيق الحد الأدنى من المكاسب التي يرنو لها الجمهور يجب أن نؤمن أن المكاسب والإصلاحات ستكون بحجم وحدتنا، أما القول إن الحوار هو حق للجمعيات المقاطعة فقط فهو قول متعال يؤدي إلى تقليل المكاسب. وهذه الدعوى لا تعني أن الحوار المطلوب هو بين قوى تتطلع إلى إصلاح حقيقي مع قوى ترى أنها دخلت المجلس النيابي لدرء مفسدة كبرى بمفسدة صغرى، وأنها ليست مع دستور 2002 ولا مع دستور 1973.
نتمنى ألا يأتي وقت تسقط فيه هذه الجمعيات رؤيتها في المقاطعة ومن ثم يسقط المؤتمر الدستوري ويشرب كأس المر من اكتسب عضويتها حتى يستطيع توقيع العريضة فقط. أخشى ان ما يراه البعض ضوءا وبشارة في نهاية النفق، ليس سوى وميض خادع! مع أننا لا نأمل ذلك ونتمنى العكس
العدد 669 - الإثنين 05 يوليو 2004م الموافق 17 جمادى الأولى 1425هـ