العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ

ألمانيا تدخل الخليج عبر بوابة أبوظبي

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

دعا وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر الدول المجاورة للعراق إلى التعاون مع الحكومة العراقية الانتقالية والأطراف الدولية المعنية بالشأن العراقي من أجل فرض الاستقرار في هذا البلد. ونوه فيشر خلال وجوده يوم الاثنين الماضي في أبوظبي أنه بوسع دول محلية مؤيدة للإصلاح أن تلعب دورا بارزا في هذا السياق.

وكان فيشر يتحدث في أبوظبي في إطار أول زيارة يقوم بها وزير خارجية ألماني دولة الإمارات العربية المتحدة إذ التقى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان. وأعرب فيشر عن قلقه حيال الحوادث الجارية في السعودية، ودعا إلى تعميق التعاون بين دول المنطقة والاتحاد الأوروبي للقضاء على الإرهاب.

وقال فيشر: إن أمن المنطقة العربية متصل بأمن أوروبا، واعتبر التعاون القائم بين ألمانيا والإمارات في تدريب أفراد الشرطة العراقية دلالة على وجود نوايا مشتركة في تحقيق الاستقرار في العراق. وتم تخريج دفعتين من أفراد الشرطة العراقية على أيدي خبراء أمن ألمان.

لا لفرض الديمقراطية

وذكرت مصادر الوفد الألماني أن القيادة السياسية في الإمارات ردت بتحفظ شديد على الدعوة التي حملها فيشر الذي يروج لمشروع الشرق الأوسط الكبير، ونقل عن مسئول إماراتي قوله: «لا يمكن فرض الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان علينا من الخارج». وكان فيشر أوضح قبل ذلك في مقابلة تلفزيونية مع فضائية عربية أن هذه المبادرة عبارة عن شراكة مكثفة مع العالم العربي. ودافع فيشر عن تحيز بلاده لإسرائيل وقال إن المسئولين العرب يعرفون مسئوليتنا التاريخية تجاه «إسرائيل»، في إشارة منه إلى الهولوكوست، وأضاف: «ألمانيا بين أبرز الدول المانحة للسلطة الفلسطينية، كما تربطها علاقات متينة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي».

المراقبون يعتقدون أن ألمانيا بدأت تحركات دبلوماسية تدعيما لخطة استراتيجية الهدف منها كسب النفوذ السياسي والاقتصادي في منطقة الخليج، وتجد الإمارات الجسر الذي يسهل مهمتها، في الوقت الذي يؤكد فيه الجانبان الألماني والإماراتي أن هذا المحور الثنائي ليس ضد الولايات المتحدة.

وليس هناك دولة عربية خليجية تربطها مع ألمانيا علاقات مكثفة مثل دولة الإمارات. ولفتت هذه العلاقة انتباه المراقبين حين اتفقت حكومتا البلدان على اختيار منطقة رأس العين التابعة لإمارة أبو ظبي لتكون المكان الذي تنفذ فيه ألمانيا برنامج تدريب أفراد من الشرطة العراقية في إطار المساعدة التي تقدمها ألمانيا في إعادة إعمار العراق. وقد انتهى أول فصلان من هذا البرنامج التدريبي. وتعتبر الحكومة العراقية الانتقالية تدريب الشرطة العراقية مهمة جدا لتجهيز قوات الأمن الداخلي التي سيقع على عاتقها في القريب العاجل مهمة حفظ الأمن حالما تحصل الحكومة الانتقالية على السيادة رسميا من قوى الاحتلال نهاية الشهر الجاري.

وقد تعهد الجانبان العمل معا في إطار تعاون استراتيجي وتم تأكيد ذلك خلال الزيارة التي قام بها المستشار الألماني غيرهارد شرودر إلى أبو ظبي في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، في أول زيارة لهذا البلد يقوم بها مستشار ألماني منذ العام 1981. ثم رد نائب رئيس الوزراء الإماراتي بزيارة في شهر أبريل/ نيسان الماضي إذ قام المستشار بخطوة عبرت عن حرصه على تطوير العلاقات الثنائية وشارك في حفل افتتاح المقر الجديد لسفارة الإمارات في برلين.

شرودر وفولكسفاجن

وفي المناسبتين جرى الحديث عن المساهمة التي تعتزم إمارة أبوظبي القيام بها من خلال شراء أسهم في شركة فولكسفاجن. يذكر أن شرودر مقرب جدا من هذه الشركة، وكان قبل انتخابه مستشارا في مجلس الإدارة. كما تجتذب أبوظبي - التي تعتبر ثالث أكبر موقع للنفط الاحتياطي العالمي - شركات ألمانية للعمل في تطوير بنيتها الصناعية. وتستورد الإمارات من ألمانيا بضائع يزيد حجمها عما تستورده أية دولة عربية أخرى، وما يزيد على ما تستورده المملكة العربية السعودية وكذلك مصر. وكان هذان البلدان يتصدران لسنوات طويلة قائمة الدول العربية المستوردة للبضائع من ألمانيا.

ولا يقتصر التعاون الاستراتيجي بين البلدين على التعاون العسكري، فالمتحدث الرسمي باسم حكومة أبوظبي إبراهيم العابد أعرب عن أمله في أن يتطور هذا التعاون ليصبح نموذجا، لكن الإمارات مهتمة أيضا بشراء دبابات ألمانية من طراز(فوكس) المزودة بمختبرات تساعد في تقفي أثر أسلحة الدمار الشامل. وقال إبراهيم العابد إن علاقات استراتيجية من هذا النوع ليس الهدف من ورائها إقامة تحالف مناهض للولايات المتحدة، فبلاده مهتمة كثيرا بتطوير علاقاتها مع الولايات المتحدة.

وتشعر الإمارات بارتياح عميق كونها نجحت في الحصول على ألمانيا كشريك استراتيجي. ويتوقع المراقبون أن تكون المساهمة الاستثمارية الكبيرة لإمارة أبو ظبي في «فولكسفاجن» أكبر مما تم الإعلان عنه. كذلك فإن ألمانيا أيضا تشعر بالارتياح لدورها الجديد في منطقة الخليج، إذ حتى وقت قريب كانت الولايات المتحدة القوة الحامية التي ليس لها منافس أو بديل في منطقة الخليج. فمن خلال التعاون الاستراتيجي مع الإمارات حصلت ألمانيا على فرصة لتلعب دور سياسي استراتيجي. وهذا ما عبرت عنه مجموعة من الزيارات التي قام بها وزراء ألمان بعد الزيارة التي قام بها المستشار شرودر، فقد زارها وزراء الداخلية والتعاون الاقتصادي والإنماء والمالية، وأخيرا وزير الخارجية، إضافة إلى زيارات عدد من أعضاء البرلمان الاتحادي.

في مذكرة التفاهم التي وقع عليها شرودر والشيخ حمدان بتاريخ 27 أبريل/ نيسان جاء أن أبوظبي تتعهد بأن يجري تفضيل الشركات الألمانية عند عرض مناقصات عن مشروعات اقتصادية جديدة. كما تم حينه توقيع اتفاق تعاون بين وزارة التعليم العالي في أبوظبي وأكاديمية التبادل العلمي الألمانية DAAD، وهذا جسر جديد بين البلدين يرمي إلى تعميق التعاون التربوي وينص على بناء مدرسة ألمانية قد تتحول إلى مركز للحوار الثقافي.

بعد التعاون المشترك في تدريب شرطة العراق، فإن التعاون بين أبوظبي وشركة فولكسفاجن هو المثال الثاني على التعاون القائم بين البلدين. في أكتوبر الماي عبرت شركات إماراتية وسعودية عن اهتمامها بشراء حصة شركة فولكسفاجن في شركة LeasePlan، وهذه أول خطوة للتعاون بين الجانبين، وتريد شركات ألمانيا زيادة نشاطاتها في أبوظبي التي يقدر الخبراء أن إنتاج النفط فيها سيستمر مئة عام على الأقل، وبفضل التقارب السياسي الاستراتيجي يعتقد ممثلو الشركات الألمانية أنه سيجري تفضيلهم عند طرح مناقصات تنفيذ المشروعات. ويؤكد مراقبون أجانب أن شركات إماراتية تريد إقامة شراكة مع شركات ألمانية عملاقة والاستثمار فيها والحفاظ على ألمانيا كشريك في المنطقة على مدى بعيد

العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً