تأتي تصريحات رئيس مجلس الشورى الصديق فيصل الموسوي يوم الجمعة الموافق 11 يونيو/ حزيران 2004، لتؤكد ما سبق أن نشرته الصحافة المحلية عن اعتراض أعضاء مجلس الشورى على أن تجرى أية تعديلات دستورية مستقبلية لتلغي دور المجلس التشريعي! ونحن والمواطنون نسأل: من أين جاء هذا الحق لمجلس الشورى المعين في ظل دستور يؤكد أن الشعب مصدر السلطات؟
وهل نسي الاخوة الأفاضل في مجلس الشورى انهم معينون ولم ينتخبهم الشعب وإن الدستور يحمل نصا يقول إن الشعب هو مصدر السلطات؟ هل هو حق إلهي يا ترى؟ أم هو حق من يختار ويعين أعضاء هذا المجلس؟ وهل نسي الاخوة أعضاء مجلس الشورى انهم في نهاية المطاف أداة توازن وضعها المشرّع ولم ولن تحتاج إليها الحكومة في ظل مجلس النواب المنتخب وتركيبته الحالية؟ فعلام الاعتراض وهم أربعون عضوا بالمقارنة بشعب بأكمله ولا يمثلون إلا الجهة التي عيّنتهم فإن أرادت لهم دورا تشريعيا فعليهم الاحتكام لإرادة الناخبين وصندوق الانتخابات.
لكن الأعجب من ذلك هو الخبر الذي نشرته «الوسط» في عددها الصادر يوم الجمعة 11 يونيو 2004، عن مناشدة النواب للقيادة السياسية الاجتماع لضمان تقاعدهم وحثهم رئيس مجلس النواب للتدخل لديها لتحقيق رغبتهم! وليس مصدر عجبنا هو اهتزاز ثقة النواب بقدرتهم على النجاح في الانتخابات المقبلة، «فالكتاب يقرأ من عنوانه»، وهم أعلم بأن أداء معظمهم كنواب وخصوصا في القضايا والملفات المهمة التي تهم شريحة واسعة من المواطنين لا يبرر ذلك. كما أنه ليس مصدر هذه الدهشة في انه حتى بعض الدول التي يحصل فيها النائب على راتب تقاعدي فإن ذلك مرهون بنظام لا يسمح في غالبيتها للنائب بمرتب تقاعدي إلا بعد انتخابه لدورتين متتاليتين على الأقل وبنسب تصاعدية تعكس مجمل الدورات التشريعية التي مثل الشعب خلالها، على أن يتم اقتطاع جزء من مكافآته لصندوق التقاعد هذا. وعموما فإن ذلك يشمل النواب المنتخبين من الشعب وليس المعينين من السلطة السياسية. وعلى النواب أن يسألوا وهم يتقدمون بطلبهم هذا: ماذا ستفعل الدولة؟ وكيف سيموّل المجتمع صندوقا كهذا فيما لو أصبح عدد النواب المتقاعدين بعد 10 دورات تشريعية في حدود 300 إلى 400 بمقياس الأداء الحالي؟
لكن عجبنا ودهشتنا من ازدواجية الخطاب الذي يخاطب به نوابنا الأفاضل أصحاب العريضة المطالبة بالحقوق الدستورية معترضين على رغبتهم في مخاطبة الملك مباشرة وإصرارهم على أن يتم التعامل مع مجلسهم الموقر باعتباره السلطة التشريعية صاحبة القرار في أية تعديلات أو مراجعات دستورية، بينما عندما تكون مصالحهم الشخصية على المحك يتوجهون وبعيون مكسورة إلى صاحب القرار الفعلي.
حيرتمونا... فأنتم تطالبون الناس بمخاطبتكم باعتباركم أصحاب القرار والطرف القادر على ترجمة آمال وتطلعات شريحة واسعة من هذا الشعب، وطالبتم الجمعيات الأربع وأعضاءها والشريحة الواسعة من المواطنين الذين يودون توقيع تلك العريضة لكنهم ليسوا أعضاء فيها بأن ينحصر التعامل في مجلسكم، وادعيتم بأنكم ستكشفون مواقع الفساد والإفساد ونهب المال العام ومحاسبتها، ثم وبقدرة قادر سللتم كل خناجركم وصببتم غضبكم على زملائكم الذين يريدون الالتزام بوعودهم التي قطعوها لناخبيهم! والسؤال الذي تصعب الإجابة عليه هو: لماذا لم يشرع السادة النواب قانونا يضمن تقاعد النواب إن كان الأمر حقيقة بيدهم ولا يتم إلا من خلالهم؟ لماذا يلجأون إلى القيادة السياسية عندما تحيط بهم الهواجس والظنون فيقصدونها مباشرة؟ فأية ازدواجية هذه؟
إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"العدد 651 - الخميس 17 يونيو 2004م الموافق 28 ربيع الثاني 1425هـ