أسرد اليوم قصة نفر من أهل المحرق، لا يزايد على حبّهم وولائهم لهذه الأرض الطيبة مزايد، إلا أنهم في ظل الظرف الراهن وحال بعض الجمعيات السياسية القائمة، وأقولها صراحة في ظل تقوقع بعض الجمعيات، مع أن شعاراتها دعوة الجميع إلى الله، إلا أنها فشلت في استقطاب هؤلاء على رغم تدين بعضهم الواضح ووطنية بعضهم اللامعة، ولم يجد هؤلاء الإخوة من سبيل إلا عند جمعية الفاشلين سياسيا، وحاملي الأضغان الحزبية والأدران الطائفية. وهكذا، انضم الإخوة إلى تلك الجمعية لأغراض إنسانية بحتة، ولحبهم للعمل السياسي والاجتماعي، وما ظنوا أنهم وقعوا في فخ نصبه لهم الوصوليون والمتزلفون وأصحاب الوجوه السميكة التي يتعدى قطرها الخمس عشرة بوصة، إذ نصبوا شراكهم واصطادوهم في غفلة من الزمن، ودربكة سياسية خرجت في ضوئها تلك الجمعية المسخ.
هذه الجمعية تجمع ثلة من الانتهازيين الذين يتاجرون باسم الطائفة وهي منهم براء، وعندما سألت الاخوة عن أسباب اجتماعهم مع هؤلاء، حاولوا تبرير انضوائهم تحت عباءة تلك الجمعية مع علمهم بالأهداف غير المعلنة لبعض مؤسسيها، فبادروني بالجواب الآتي: إن ساحة العمل السياسي منقسمة إلى طائفتين، إما لحية وإما عمامة، وكل طائفة تدّعي أنها الصواب وخلافها الخراب، وإن الجمعيات جلها وليس كلها، تعمل وفق هذا التقسيم والمنطق، بل وحتى جمعيات المذهب الذي ينتمون إليه لا تفتح أبوابها لهم، فالانغلاق والانكفاء على أعضائها ديدنهم، فماذا نعمل؟ هكذا كان جواب بوجمعة وبوموسى وآخرين.
نعم، جوابهم هذا هو عين الواقع، ولكن لا يعني اننا نوافقهم في ما ذهبوا إليه من ممارسة فعلية بانضوائهم تحت لواء مثل تلك الجمعية، فالجلوس في البيت مع الأسرة والأولاد أرحم، ونصيحة الناس والصبر على أذاهم أرحم، والعمل من خلال جمعية أكره أعضاءها واحترم مبادئها أرحم من العمل في جمعية مكروهة مبادئها وملتوية أهدافها، ومعروف القائمين عليها ومآربهم، ومع ذلك فإنني أفضل الجلوس في البيت على العمل مع مثل تلك الجمعيات، فإنها تأخذ من رصيدك ولا تأخذ أنت منها سوى الإساءة التي يتعمدها القائمون عليها، تضرك ولا تنفعك. وأقول لهم: ماذا تنتظرون من جمعية يترأسها «الغضنفر» من خلف الكواليس؟ ويحيط بأسوارها رتل من المتملقين، فمن البلاهة أن أنضوي تحت لواء جمعية لا يفرق أعضاؤها بين المماحكة والمحاكاة، فتلك الجمعية تصرح أنها تقوم بفعل المماحكة مع التيارات السياسية القائمة، وفي الوقت ذاته تنكر أهواءها السياسية، وتحاكي خط الغضنفر وتأتمر بأمره، وفي الوقت نفسه ترفض نظريا أن تكون تابعة له بحسب تعبيرات بعض أعضائها، بل وأدهى ما في الأمر ان نصف أعضائها من الأقارب والأنساب (أي ليس ببعيد عنها الجمعيتان الإسلاميتان القائمتان على القرابة والنسب) وبقية الأعضاء من المتوفين سياسيا واجتماعيا، وليس لهذه الجمعية من سبيل لتأخذ موقع جمعيات ذات ثقل تاريخي كجمعية الإصلاح (المنبر الوطني الإسلامي) أو جمعية ذات باع إغاثي وإنساني ديني دعوي كجمعية التربية الإسلامية (الأصالة الإسلامية).
وقياسا على المثل (أو الحكمة) من أنه ليس الخبر كالمعاينة، فجمعيات البيت السني، ليس بإمكان مثل تلك الجمعيات (أو الشخصيات المنحرفة) اختراقها أو سحب البساط من تحتها، وهي كما رأيناها تتملق المسئولين بإيقاف الكاتب الفلاني عن الكتابة أو تطالب بالتضييق على الكاتب العلاني في التعبير عن رأيه، فأين حرية التعبير التي يطالب بها الغضنفر حامي حماها؟ أم هي حرية تعبير عن مصالح الجمعية الضيقة، وحرية تعبير وتشهير بـ «المسجات» بشخصيات رسمية وعامة محترمة، فأساليب هؤلاء لا تترك مجالا لعاقل أن ينضوي أو تنطلي عليه شعاراتها الكاذبة، والتي يدحضها واقع وتصرفات أعضائها
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 650 - الأربعاء 16 يونيو 2004م الموافق 27 ربيع الثاني 1425هـ