نستطيع أن نقول إن ردود الفعل الكثيرة من المنشغلين والمشتغلين في العمل السياسي والمتابعين والمهتمين والمهمومين، بالشأن الوطني للدعوة التي وردت في الصحافة المحلية لعقد حوار وطني موسع لمناقشة المسألة الدستورية وقضايا الوطن تساهم فيه الأطياف كافة، من دون حصره على الجمعيات الست أو التسع أو الأربع، هي ظاهرة اجتماعية ايجابية تواصلية بين مؤسسات المجتمع المدني، تصب في الأهداف الأساسية لأي نظام سياسي ديمقراطي، وهو تفعيل وتوسيع وتطوير دور وعمل مؤسسات المجتمع المدني، في لعب دور أساسي في الحراك الاجتماعي السياسي الاقتصادي الثقافي، كونها السلطة الرابعة أو الخامسة إلى جانب السلطات الأخرى. فتعدد وتنوع واختلاف الرأي بشأن الحوار الوطني، ساهم في فرز الحالة السياسية التي يعيشها المجتمع، والتي كثر التذمر منها، وما آلت آليه من فوضى وتناقض، ويصعب تفسيره وتحليله، ومتابعة تأثيره، وعن مسئولية الفوضى والتناقض في التفكير والعمل السلوكي السياسي في ظرف يعج بكل هذه التحديات الإقليمية والعالمية والمحلية الشديدة التي نواجهها، والحاجة تشتد إلى وطن آمن ولحمة وطنية قوية. لم تختلف ولن تختلف جميع الأطياف على مبدأ الحرية، وحرية الرأي والتفكير والتعبير، ولا أن السياسة ليس بها وجهة نظر واحدة كثوابت عملية وتفكيرية، وأن الحق حق حتى لو دعا إليه متعال.
فالمسألة الدستورية أو الحوارية ليست المشكلة في الشارع السياسي بل هي في اللاعبين، وعدد اللاعبين، ليظل اللاعبون هم اللاعبون، ولا تغير أو تجديد، ولنبقى رهن هذا النوع من العمل السياسي المركزي التقليدي من دون تحريك أو تطوير. أصبحت مؤسسات المجتمع المدني بحاجة إلى انفتاح سياسي وثقافي، وتطبيق للنظام الديمقراطي، أكثر من المؤسسات والأنظمة الحكومية، لأهمية الدور المنوط والمنتظر منها كمؤسسات متصلة ومحركة للمجتمع والأفراد. فالمجتمع البحريني ليس بحاجة إلى مجتمع سياسي فحسب بل بحاجة إلى مجتمع يفتح ثقافة المشاركة بكل أنواعها، وإلى شعب واع مدرك عقلاني، لا انفعالي، حتى يمكننا أن نحل بعض مشكلاتنا وأزماتنا، ونقلل من تناقضاتنا الكثيرة، وتصريحاتنا النخبوية المعتمة والمفلسة في بعض الأحيان، وأحادية طرحنا في فهم الأمور، التي باتت تساهم وتساعد في زيادة عدد الفئة الصامتة وغير المشاركة.
إنه الوطن، فما المشكلة في مشاركة الكل في طرح رؤية بشأن الحوار الوطني أو المسألة الدستورية؟
كاتبة بحرينية
العدد 646 - السبت 12 يونيو 2004م الموافق 23 ربيع الثاني 1425هـ