عضو كتلة المنبر الإسلامي ممثلة خط الإخوان المسلمين في البحرين محمد خالد رهن بشته لدى «الوسط» بعد سلسلة من الانتقادات الموجهة إلى لجنة الخدمات التي ينتمي خالد إليها، وخالد جرب تعاون الصحافة معه في أوقات سابقة، وخصوصا «الوسط» والتي تعاونت معه في قضايا عدة مثل المعتقلين من أبناء البحرين في السعودية وغوانتنامو، وجعلت تصريحه الشهير الموجّه لمجموعة وزراء ومسئولين (شيلوا بشوتكم وروحوا بيوتكم) يدوي في الأرجاء، لكن خالد الآن متضايق من هذه الصحافة وانتقاداتها، فما الذي تغير؟
ليعذرنا خالد، فمن ناحية سياسية ردة فعله جاءت متأخرة، وللأسف أيضا فإن عليه أن يعرف أن بشته قد «احترق» قبل أن يصل إلى «الوسط»، والمقصود تحديدا هنا (الاحتراق السياسي)، النواب وخصوصا أعضاء لجنة الخدمات ينطبق عليهم ما قيل عن قانون الصحافة وعن وزير المالية «المحترقين سياسيا» وإن تعددت عمليات الترقيع. وعموما يحتاج خالد وزملاؤه من نواب المنبر الإسلامي إلى الرجوع إلى تصريحاتهم قبل بدء دور الانعقاد الثاني، إذ أعلنوا أن شعارهم سيكون محاربة الفساد بلا هوادة، ولابد من التذكير هنا بتصريح لرئيس لجنة الخدمات المنبري علي أحمد أثناء ندوة عقدت في جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي ألقاها رئيس كتلته صلاح علي والنائب عبدالنبي سلمان، قال أحمد تلك الليلة ما مضمونه إن التاريخ والناس لن يرحمونا إذا ما سكتنا عن الفساد ولم نحاربه، وهذا ما حدث فعلا الآن إذ لن يرحم أحد لجنة الخدمات التي كانت بامتياز قبرا مناسبا لقضية صندوقي التقاعد والتأمينات.
المسألة في البرلمان أكثر تعقيدا من التصريحات ورهن البشوت، فالمناظير الطائفية السوداء التي تنظر من خلالها كل كتلة من النواب إلى الأخرى، إضافة إلى اللقاءات المليّنة للمواقف (حوالي عشرة من النواب التقوا سيف قبل جلسة التصويت لصالحه)، إضافة إلى الاجتماعات الجانبية التي عقدها سيف على هامش جلساته مع لجنة الخدمات، كل هذا ساهم في إحراق بشوت معظم النواب سياسيا، ولم يعد مفيدا رهن البشوت لدى «الوسط» أو غيرها.
أحد النواب قال لي: «إننا نبكي مما تفعله الحكومة بنا»، فرددت عليه: «بل نحن الذين نبكي مما تفعلونه بنا فأنتم لكم امتيازاتكم الباقية، والبعض منكم لا أشك في أنه سيصوّت حتى لصالح عودة قانون أمن الدولة، من خلال نظره من منظار مصبوغ بالأسود والأحمر».
ربما يظن البعض أن هذه نظرة سوداوية إلى النواب، لكن على من يشك في ذلك النظر إلى الأصول الفكرية التي تنحدر منها تيارات الكتل البرلمانية، وسيجد أن معظم هذه الكتل ولدت من رحم تيارات دينية لم يمارس معظمها سوى مشروعات حقيبة الطالب، كفالة يتيم، وإفطار صائم (مع كامل الاحترام لهذه المشاريع الانسانية)، أي انها بمثابة حلاّق مبتدئ يتعلم الحلاقة في رؤوس «القرعان»، والكثيرون لحم أكتافهم نبت من خير الحكومة، فلهذه العوامل وغيرها تمت تبرئة سيف. ومن أقبح ما قيل من أحد الخدماتيين هو أن أحدا لم ينتقد تقرير لجنته نقدا علميا، إذ نشر النائب جاسم عبدالعال مقالا نقديا لتقرير تبرئة سيف بالأرقام والحقائق ، إلا أن لجنة الخدمات لم ترد على المقال، بل رد جهاز العلاقات العامة في صندوق التقاعد (بإيعاز من وزارة المالية على الأرجح) على عبدالعال! رهن البشوت لن يجدي... والمواقف تغيرت، ومن ينكر هذه الحقيقة نقول له «هذا الميدان ياحميدان»، اثبت لنا ما تدعيه عمليا، وعلى النواب تحمل مسئولية ما يفعلونه أمام الله وأمام التاريخ بحسب تعبير رئيس لجنة الخدمات
العدد 643 - الأربعاء 09 يونيو 2004م الموافق 20 ربيع الثاني 1425هـ