عمدت دول مجلس التعاون الخليجي على ضوء التهديدات الجديدة إلى تعزيز تعاونها في مجال الأمن. وعلى مدى عقدين من الزمن بعد تأسيس المجلس في مايو/ أيار 1981 بدأ العمل في تعاون جدي بين الدول الست الأعضاء في مجال الدفاع. وتجري منذ وقت مفاوضات مع حلف شمال الأطلسي كي يوسع الحلف العسكري الغربي استراتيجيته الأمنية بحيث تمتد إلى منطقة الخليج. وعوضا عن ذلك تستعد بعض دول المجلس لإبرام صفقات كبيرة لشراء أسلحة جديدة، الهدف من وراء هذه الجهود الحفاظ على الاستقرار في المنطقة التي تحتوي على ثلثي احتياطي العالم من النفط.
بدأ التنسيق بشكل مكثف بين جيوش دول مجلس التعاون قبل عام. والرجل الذي قام بدور بارز في تحقيق هذا المشروع هو رئيس سلاح الجو في دولة الإمارات العربية المتحدة. لهذا السبب فإن تعاون السلاح الجوي لهذه البلدان هو الأكبر وحقق خطوات متقدمة. وتم بدء العمل في تأسيس «درع للسلاح الجوي» لمنطقة شبه الجزيرة العربية، وفي حال تعرض إحدى دول المجلس إلى اعتداء من الجو يكون بوسع السلاح الجوي للدول الأعضاء التصدي للمعتدين في إطار عمليات مشتركة.
الجيوش البرية امتثلت بالتعاون الذي تم بين أسلحة الجو الست وبعدها سلاح البحرية. وتجري مناورات مشتركة للقوات البرية في الصحراء شرق مدينة الرياض، ويبرز فيها العدد الكبير للقوات السعودية والكويتية. ويجري التفكير في منطقة الخليج بشراء معدات عسكرية متطورة لغرض استخدامها بصورة مشتركة، مثل طائرات استطلاع وأجهزة رادار، والهدف تسليح جيوش الدول الأعضاء بما يلزمها لتصبح قادرة على مواجهة التحديات.
في خطوة أخرى جرى التفكير بخطة تشرك حلف شمال الأطلسي في تعزيز الدفاع عن أمن الدول الخليجية. وتم بحث التعاون مع الحلف خلال مؤتمر استضافته أخيرا العاصمة القطرية الدوحة، شارك فيه ممثلون عن دول المجلس والحلف. وقبل القيام بأي تعاون بين الجانبين هناك حرص على إزالة العراقيل القائمة في الطريق، وأبرزها عراقيل سياسية. فبينما يرغب حلف شمال الأطلسي في تعميق الحوار مع دول منطقة حوض البحر المتوسط وضم «إسرائيل» إلى الحوار، يواجه هذا العرض احتجاجا شديدا من دول المجلس التي تريد من جانبها ضم إيران إلى هذا الحوار، وهو ما تعارضه الولايات المتحدة.
واعترف مسئول عسكري أميركي رفيع المستوى أن هدف انتشار الحلف في الخليج هو حصر نفوذ إيران في المنطقة. وترغب دول المجلس في جر الاتحاد الأوروبي لتشارك دول'''ات المتحدة فقط. وتجري منذ وقت مفاوضات بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية بشأن شراء 80 مقاتلة حربية من طراز فانتوم 16 قيمتها 8 مليارات دولار، والجانبان مهتمان بإبرام هذه الصفقة بنجاح. ويجري في قاعدة سلاح الجو الأميركي في مدينة توكسون تدريب طيارين من الإمارات الذين يشار إلى أنهم أفضل الطيارين في العالم العربي. (كما يجري تدريب طيارين آخرين من هذا البلد العربي الخليجي في قواعد عسكرية أميركية داخل الأراضي التركية إذ توجد فيها مقاتلات حربية من الطراز الذي تعتزم دولة الإمارات العربية المتحدة شراءها). هذه النشاطات التي تعبر عن الحيطة والحذر تعبر أيضا عن رغبة دول مجلس التعاون في القيام بدور بارز منعا من تهديد الاستقرار في منطقة الخليج.
كما ترغب فرنسا في بيع مقاتلات حربية من طراز ميراج، لكن ليس بوسعها توفير برامج التدريب بالشكل الذي تقدمه الولايات المتحدة. إضافة إلى اهتمامها بالحصول على مقاتلات حربية تتفاوض دولة الإمارات مع ألمانيا لشراء 60 دبابة من طراز فوخس المزودة بمختبرات لتقفي أثر أسلحة الدمار الشامل، علما بأن ألمانيا والإمارات ترتبطان باتفاق عسكري أبرم قبل سنوات.
هناك تقديرات بأن دول المجلس الست تستثمر نسبة 30 في المئة من موازناتها العامة في تمويل مشروعات الدفاع، وينطبق هذا على الأقل على دولة الإمارات التي تعتزم الحصول في المستقبل على أسلحة دفاعية الغرض منها ردع المعتدين وخفض نسبة تعرضها إلى اعتداءات إلى أكبر حد. ويبرر الإماراتيون مساعيهم في مجال التسلح إلى عدم ثقتهم بنوايا إيران التي تسيّر غواصات تابعة لسلاحها البحري قبالة سواحل الإمارات واحتمال عملها في برنامج نووي. وكان رئيس الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أعلن في منتصف التسعينات أن بلاده لن تدخل في حرب مع إيران بسبب النزاع القائم بين البلدين بشأن الجزر.
كما يعرب مسئولون إماراتيون عن قلقهم حيال المستجدات في السعودية وما تواجهه من تهديدات إرهابية، لكن الإمارات لا تشعر بالقلق من مغبة أن يتسلل إرهابيون من السعودية عبر حدودها لأن هؤلاء لن يحصلوا على أي تعاطف داخلها
العدد 643 - الأربعاء 09 يونيو 2004م الموافق 20 ربيع الثاني 1425هـ