إذا كانت «العصبية» هي التي استطاعت حفظ مجتمعات بشرية عدة على مدى تاريخ الإنسانية في حروبها مع ما يمكن أن يدمر كيانها، ويعمل على امّحائها من الوجود، وإذا كانت «العصبية» هي التي دفعت الرسول (ص) إلى أن يقسم جيشه في أحد المعارك على أسس قبلية حتى تنافح كل قبيلة «بعصبية» مبررة كي لا تؤتى جيوش المسلمين من قبلها، فإن هذه العصبية ليس لها محل (يفترض) في سياق دولة المؤسسات إلا فيما يخص أطره العليا وفي هذا السياق، لم يعد خافيا ما لـ «العصبية» من دور في تسيير ملفات مجلس النواب خصوصا، وذلك للكيفية التي يتم التعامل بها مع هذه الملفات، الساخن منها والفاتر، وما الذي يمرّ من بين الأروقة، وما الذي يتعثر في منتصف الطريق، والمتابع لأكثر هذه الملفات كيف بدأ وكيف آل مصيره، يدرك أن «عصبية» ما عبثت به، لـ «نفخه» بأكثر مما يحتمل، وبالتالي إخراجه عن إطاره وتسهيل ثقبه من قبل أصحاب العصبيات الأخرى، من غير اتخاذ المراجع القانونية أساسا ومرجعا وحكما.هذا الكلام ليس بالجديد ربما، ولكن الجديد فيه أنه يتكرر ويبرز بشكل لا يخفى ولا يحتاج إلى ذكاء لإدراكه عند كل منعطف نيابي، أو لنقل عند كل سقوط مدوٍّ. إن انقضاء دور الانعقاد الحالي، قد يتيح فرصة لكي يراجع كل النواب (بمن فيهم الذين لا يعرفهم أحد ولم يتكلموا أبدا) لهذه الأمانة التي أنيطت بهم، وكيف أسهم كل منهم في ضياع جانب منها، على أن تكون هذه المراجعة خالية من «العصبية».
وليس بعيدا، اتصال بعض من آل الشايجي في البحرين، مستنكرا ما جاء به كاتب هذا المقال يوم السبت الماضي المعنون بـ «الشايجي ونسله» والذي انتقد تناول الكاتب الكويتي صالح الشايجي لسيرة عبدالعزيز الرنتيسي، وظن المتصل أن نسل الشايجي في البحرين هم المقصودون، ولمزيد من توضيح ما كنت أعتقده واضحا، فإن المقصودين بـ «نسل الشايجي» هم نسل الكتاب وليس نسل الأنساب، نسل الذين يسيرون على نهجه في الكتابة وليس كل من انتمى إلى هذا البيت الكريم
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 641 - الإثنين 07 يونيو 2004م الموافق 18 ربيع الثاني 1425هـ