يثير الاستغراب تبني النواب تعديلات دستورية مع إخفاقهم في إقرار قانون واحد يؤكد صلاحياتهم التشريعية، بل إنهم لم يستطيعوا أن يقروا لائحتهم الداخلية. والأغرب أنهم يتنافسون في نزع صلاحيات دوائر القرار الأخرى أو الإبقاء عليها في وصفة تشريعية تبدو وكأنها ملك أيديهم، كما دشنوا رغبتهم في تعديل دستور 2002 بمخالفة فنية صريحة لأبسط قواعد تقديم التعديلات الدستورية، بتقديمها عبر مقترح بقانون، مع أن الدستور أسمى من القوانين ومحكم فيها. والأفضل استكمالا لهذا الفصل «الحركي» الجاد أن تقدم التعديلات على الدستور عبر مقترح برغبة، لأنه لا يلزم الحكومة بالرد عليه، حاله حال المقترحات الأخرى!
يبدو أن المجلس النيابي خلال مسيرته الفعلية وضع لإقفال الملفات المهمة من دون حلها، تماما كما عبر عن ذلك رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، فهو يعتمد الإثارة والصخب في بداية إثارته لأي ملف، ثم ما يلبث أن يصبح هذا الصخب همسا على استحياء في وجه الحكومة، ليتلاشى ويصبح نسيا منسيا. الغريب أن صخب النواب منبعه تقارير ضعيفة، وغير واضحة في تحميل المسئولية إلى المتهمين بالتجاوز، وأنه بهدف تمرير مشروعات تريدها الحكومة كصورة من صور التشويش على المواطنين، كما هو حال تقرير هيئتي التقاعد والتأمينات الذي حمل مسئولية التجاوزات مسئولين لا يتحملون المسئولية كاملة عن تجاوزات الهيئتين، ثم ما لبث أن قبل تعديلات الحكومة على قانوني التقاعد والتأمينات، وكان هذا هو الهدف من وراء زوبعة النواب، فيما لم يحاسب المسئولين «مسئولية جزئية» عن تجاوزاتهم، وقس على ذلك ملف التجنيس والتقرير الضعيف الذي ورد بشأنه. والسؤال: هل يمكن أن يعطى مجلس النواب دورا أكبر من حجمه كإقرار التعديلات الدستورية، وهو بلا أرضية نجاح واضحة في أدائه ودوره، ومحاصر في ذلك من قبل الحكومة؟ ولمن سيحسب إقرار التعديلات الدستورية لو حصلت؟ وبأي ثمن؟
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 640 - الأحد 06 يونيو 2004م الموافق 17 ربيع الثاني 1425هـ