الحوار بين المعارضة والحكم في الإشكالية الدستورية يبرز إضاءتين مهمتين لابد من التطرق إليهما:
أولا: رغبة الجمعيات السياسية الممثلة بكتل نيابية في مجلس النواب في توسيع دائرة الحوار مع الحكم في الإشكالية الدستورية سببها أن أي تعديل دستوري أشبه بالمستحيل وفق الآليات الدستورية الحالية ما لم يحصل توافق سياسي مع الحكم، والفارق بينهم وبين المقاطعين أن المقاطعين يحصرون التعديلات في قناة واحدة وهي الحكم، فيما يصر المشاركون كاستحقاق لمشاركتهم أن تحرك القنوات الدستورية كافة، مع إصرارهم على التوافق السياسي وليس الدستوري، وهذا يهدد الأساس الدستوري الذي قام عليه دستور 2002، ولا يعطي الضمان مع حصول التعديلات بعدم اختراق الدستور نتيجة اختراق الآلية نفسها.
ثانيا: السقف الأعلى للتعديلات داخل المجلس يتبناه «النواب الوطنيون الديمقراطيون» وهم ثلاثة نواب من أصل أربعين نائبا، مع أن مرئياتهم لا تمس صلاحيات أخرى تقوض التجربة النيابية نفسها، لكن حل المجلس من دون إرجاعه، أو إمكان إجراء استفتاء على القوانين خارج القنوات الدستورية، وهناك سقوف أدنى داخل المجلس النيابي، وهي لا تختلف جوهريا عن دستور 2002، ما يعني أن «فذلكة» التعديلات الدستورية هدفها التشويش على مرئيات المقاطعين، وخصوصا أن السقوف الدنيا تمثل رأي غالبية أعضاء المجلس، مع لفت الانتباه إلى أن هذا الفهم افتراضي بالنظر إلى استحالة اختراق الآليات الدستورية الأخرى. هاتان الإثارتان تؤكدان أولا: إن جهة التخاطب الوحيدة لإجراء التعديلات هي الحكم، والمطلب أن يكون المخرج سياسيا دستوريا، لتوحيد قناة التعديل في اطار تعاقدي، لأن القناة الحالية تقوض الأسس الدستورية القائمة، وتسمح بتقويضها مستقبلا. ثانيا: الآلية الدستورية الحالية غير مضمونة النتائج، فسقف التعديل ومضمونه بيد الحكم فضلا عن كونه منخفضا من الأساس، ما يعني ضرورة توحيد جهة الحوار باتجاه الحكم خارج الآلية الحالية
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 637 - الخميس 03 يونيو 2004م الموافق 14 ربيع الثاني 1425هـ