العدد 63 - الخميس 07 نوفمبر 2002م الموافق 02 رمضان 1423هـ

تساؤلات أمام نوّاب البرلمان

محمد الشهابي comments [at] alwasatnews.com

إنها فعلا حمى الجاه والمنصب والراتب وهذا حال الديمقراطية الحديثة العهد إذ تساوي البصلة بالتفاحة. ولا يقتدى بالقول «رحم الله امرءا عرف قدر نفسه» لأن مفهوم الديمقراطية يسمح للصالح والطالح، والكل في الأمر سواء، ويبنى احتمال النجاح في العملية الانتخابية على رصيد الشخص من العلاقات الشخصية وليس ما يقدمه من أفكار وإطروحات مدروسة بمنهجية علمية وبموضوعية بل على خلاف ذلك فإن الغالبية العظمى من البرامج الانتخابية للمرشحين تكاد أن تكون نسخة من الأصل، وتدلل على أنها برامج فيها الكثير من العشوائية والانفعالية، مجرد رؤوس أقلام وهذا يقودنا إلى تقييم بعض المرشحين وخصوصا المترف منهم الذي لم يعان ولم يمر بتجربة المرارة وقد صعد على أكتاف الآخرين، وما زال يمارس هذا النهج في الوصول والحصول على مآربه وخصوصا المادية، كيف له ان يفكر في حقوق ومطالب المواطن ويعالج مشكلاته وهو يعيش في القصور والفلل الراقية الكبيرة ذات المدخل لسيارته توصله إلى الباب وتقيه حرارة الشمس، يا ترى هل سيفكر في مشكلة المواطن والاسكان وهو لا يعلم أي شيء عن وحدات الاسكان ولم يدخل واحدة منها؟ ناهيك عن البؤساء الذين لم يحصلوا حتى الآن على سكن بسيط، وكيف له أن يفكر في الدواعيس والسكك والممرات الضيقة في الأحياء القديمة والخربة وهو يعيش في المناطق الراقية.

إذا كان المرشح صاحب ثراء فاحش فكيف له أن يشعر بضيق شعور المواطن ذي الدخل المحدود أو العاطل عن العمل عند انقطاع التيار الكهربائي في الصيف الحار الذي يمتد ثماني شهور أو بحرارة المياه في هذه الفترة إذ يمتلك امكان السفر هو وعائلته الى خارج البلاد مع توافر البدائل الأخرى لديه من مولد كهرباء خاص ونظام لتبريد المياه. وهل سيعاني من نوعية الخدمات الصحية وهو لا يعترف بها أصلا، بل لا يعترف بأطباء البندول والمسكنات ويستفيد من نظام الطب الخاص والمستشفيات الخاصة داخل وخارج البلاد حيث يتوافر لديه غطاء تأمين صحي لأنه يشغل وظيفة مرموقة أو لديه مركز اجتماعي يكفل له ذلك. وكيف له أن يعالج مشكلة غلاء المعيشة وهو صاحب استثمارات وأملاك ولا يعلم أي شيء عن اسلوب تشوّق المواطن من ذوي ادخل المحدود والذي يعمل ألف حساب للفلس الواحد ويتعنى مشقة التدقيق في الأسعار وقبل الإقدام على اتخاد قرار الشراء خلافا للمنعمين الذين لا علم بهذا الاسلوب في التسوق، فهم يتسوقون عن طريق الهاتف وبطاقة الائتمان وشبكة الانترنت ولا يعيرون أي اهتمام لفارق الاسعار والنسبة المئوية التي تدفع إلى مصدر البطاقة والتخفيض المصاحب لاستخدام النقد والكاش بالاضافة إلى كلفة التوصيل والاتصال. ومن أين له أن يشعر بالفواتير الشهرية للكهرباء والهاتف خاصة، واحتكار بتلكو لخدمة الاتصالات وفرض التعرف العالية وهو لا يسمع نداء دفع الفاتورة وإلا تنقطع هذه الخدمة عنه؟ كيف له أن يقيم ويطور ويحسن من مخرجات التعليم وهو لا يثق ولا يؤمن بالتعليم العام؟ وكيف له أن يشجع البحرنة ومواطنة الوظيفة ويساهم في حل مشكلة البطالة وهو لا يؤمن بقدرة وامكانية البحريني على الانجاز والانتاج؟ وكيف يحافظ على الثوابت ومبادئ الدين الحنيف والقيم والاخلاق والعادات وهو منصهر في مفهوم المدنية الغربية؟

البعض من المرشحين وضمن حملته الانتخابية يدعي أنه سيدافع عن حقوق الانسان والديمقراطية والمصلحة الوطنية في حين يشجع على الفساد الاداري ويغض الطرف عن التجاوزات الحقوقية ويحارب قيام نظام رقابي مستقل لإنه يتعارض مع مصالحه ومفهوم «من اين لك هذا؟» والبعض الآخر يؤكد على حقوق المرأة ضمن ثوابته الانتخابية الا أنه داخل عرينه يقهر المرأة ويجحف بحقها والبعض يزايد وبكل ما أوتي من قوة أنه سيحارب الطائفية والتمييز والعنصرية وهو المستفيد من نظرية فرق تسد ويدعو في خطاباته إلى الفرقة، هل يصلح هذا أن يكون داعية إلى التقارب؟ وهل يصلح ان يكون نائبا في البرلمان؟

ونسمع في برامج البعض أنه صديق البيئة وأنه سيخصص جل اهتمامه في المحافظة على البيئة ولا يسمح بقيام الصناعات الثقيلة وكانه صاحب القرار. ويحرج نفسه عندما يواجه بسؤال كيف تستطيع ان توازن بين الحفاظ على البيئة ومشكلة البطالة والاقتصاد والتطوير المستدام؟ وما هي معايير المواصفات الدولية للحد من مشكلة التلوث؟

البعض الآخر وخصوصا الحقوقيون والقانونيون وأصحاب الفكر والقلم منهم يخدع نفسه ويعلو بصوته وضمن حملته الانتخابية بالشعارات الثورية الرنانة معولا على كسب ثقة وأصوات الناخبين وخصوصا المقاطعين منهم ولم يضع في اعتباره إن هذه الفئة تنظر إلى هؤلاء على أنهم انتهازيون ويصطادون في الماء العكر ومواقفهم مخذلة ومن أيام الأحداث وأثناء الميثاق وما بعد الميثاق وألا مبدأ لهم ولا ثوابت، وإلا فأين كانوا أيام الأحداث؟

البعض من الذين فشل في التجربة العملية وعبر أكثر من دورة في مجلس الشورى والأجهزة الرسمية الاخرى يحاول ويتفنن بشتى الطرق لتلوين صورته كأنه مخلص وسيعمل للوطن والمواطن وقد انجز الكثير! . فهل يجب أن يعطى فرصة أخرى؟

يجب ألا ننسى ونحيي مبادرات البعض الآخر وهم قلة قلية، تكاد ألا تعد على اصابع اليد الواحدة لما بذلوه من جهد واجتهاد وقدموا إطروحات عملية وبمنهجية علمية مدروسة وتفصيلية وندعو لهم بالتوفيق

العدد 63 - الخميس 07 نوفمبر 2002م الموافق 02 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً