قال سفير المملكة الأردنية الهاشمية لدى البحرين لؤي الخشمان إن العلاق ات بين الأردن ومملكة البحرين «علاقات تاريخية» على مستوى القيادات وعلى المستوى الشعبي وتمنى أن تكون العلاقات العربية - العربية على مستوى العلاقات الأردنية - البحرينية.
وقال الخشمان - في حديث شامل إلى «الوسط» بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال الثامن والخمسين للمملكة الأردنية الهاشمية تناول الأوضاع الداخلية في الأردن والموقف الأردني من القضايا الإقليمية وخصوصا الوضع في العراق والعلاقات العربية/ العربية - إن المرحلة الحالية بالنسبة إلى الأردن تتميز بتنمية العلاقات مع الدول العربية كافة، مؤكدا أن العلاقات البحرينية الأردنية تمثل في هذا الصدد علاقات نموذجية.
وعن الموقف الأردني من الوضع في العراق، قال الخشمان إن الأردن حريص على استقرار ووحدة الأراضي العراقية، ما يصب في مصلحة الأردن، مع وجوب بقاء العراق موحدا ويعطي العراقيين الحق في أن يحكموا أنفسهم ويختاروا النظام الذي سيحكمهم.وقال الخشمان: « نأمل أن يتم الالتزام بموعد نقل السلطة».
وفيما يأتي نص الحديث مع السفير الخشمان:
كيف تقيم الأوضاع في الأردن؟ وما أبرز المشكلات التي تواجهه في الوقت الحاضر؟
- إذا نظرنا إلى الأردن عموما نجد أن المغفور له الملك حسين بن طلال ترك دولة مرتكزة على مؤسسات وتملك مقومات الدولة الحديثة كافة. وقبل ذلك إذا عدنا إلى تاريخ الأردن حتى قبل إعلان الأردن مملكة فكان لقيادته الهاشمية الدور الفعال في الوطن العربي لتحقيق أهداف العرب بالاستقلال والوحدة.
هذه الأهداف التي رسمها مؤسس المملكة الملك عبدالله بن الحسين. وعندما تولى الملك حسين بن طلال سدة الحكم حرص على بناء الأردن من خلال مؤسساته وترسيخ دعائم مجتمعه. كانت مسيرة طويلة وشاقة قوبلت بالكثير من التحديات والمعوقات، لكن الحسين استطاع أن يبني بلدا نموذجيا من خلال مؤسساته. وكما تعلمون فإن الأردن بلد محدود الموارد لذلك ترى قيادته دائمة التحرك وتطوير الأنظمة والقوانين والمؤسسات لكي يستطيع الأردن أن يجذب الاستثمارات وروؤس الأموال لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني ومسيرة النمو والتحديث.
تم تعيين حكومة جديدة قبل أشهر برئاسة فيصل الفايز، ما هي أولويات الحكومة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل المشكلات التي يعاني منها الأردن؟
- رئيس الوزراء الحالي خدم الأردن والقيادة سنوات طويلة وهو على اطلاع كامل بالأوضاع الأردنية وكذلك أراد جلالة الملك أن يأتي بشخصية شبابية حتى تستطيع فهم هموم الأردن بشكل كبير ولديها القدرة على التحرك والاتصالات مع الجهات كافة ورئيس الحكومة الفايز من أبناء الأردن المخلصين ولا ينتمي لأي حزب او تيار سياسي معين وبالتالي كان اختيارا موفقا بلا شك. واستطاع الفايز خلال فترة بسيطة أن يوجد نوعا من الحوار بين الحكومة والشعب وتحسس المشكلات في موقعها.
بلاشك في أن أكثر التحديات التي يواجهها الأردن البطالة والفقر. لذلك تعتبران من أهم الأولويات التي تضعها أية حكومة تعين في الأردن، وكذلك القيادة تولي اهتماما لهاتين المشكلتين بصورة دائمة. لذلك تجدين في كتاب التكليف السامي أن الحكومة تركز بشكل رئيسي على معالجة الفقر والبطالة التي لا يمكن أن نحصر أسبابها بحكم محدودية الموارد بالنسبة إلى الأردن وموقع الأردن الجغرافي ووضعه بين تحديات كبيرة عربية كالقضية الفلسطينية والهجرات المتتالية عليه من الضفة الغربية ووضع العراق. كل هذه الأمور تجعل الأردن في وضع صعب يحتم عليه مواجهة تحديات صعبة سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.
لذلك فالقيادة الأردنية دائما أمام وضع اقتصادي صعب يتطلب منها بذل الكثير من الجهود. ومن هذا المنطلق يقوم الملك عبدالله بصورة دائمة بعقد منتديات اقتصادية وإجراء اتصالات مع جهات مختلفة في العالم لخلق فرص جيدة للاستثمار بالنسبة إلى الأردن كي يتاح المجال لخلق فرص عمل مناسبة أمام الشباب لتقليص نسبة البطالة.
وقع الأردن اتفاق سلام مع «إسرائيل» منذ العام 1994. ما هي انعكاسات ذلك على الصعيد الداخلي مع أجواء العداء على المستوى الشعبي «إسرائيل»؟ هل انعكس الاتفاق على الاستقرار السياسي داخل الأردن وتطوره السياسي والاقتصادي؟
- قام الأردن بتوقيع اتفاق السلام مع «إسرائيل» بعدما وقع أشقاؤنا الفلسطينيون اتفاقا مماثلا مع الجانب الإسرائيلي. وكان الهدف من هذا الاتفاق أن يضمن الأردن حقوقه وحفظ أراضيه المعترف بها دوليا ومياهه ومقوماته بشكل كامل. سارت مسيرة السلام بشكل طبيعي لفترة من الوقت تمت فيها الكثير من الإنجازات على المسار الفلسطيني والأردني والاهم خلق كيان للفلسطينيين على ترابهم الوطني وعودة الرموز الفلسطينية إلى الأراضي الفلسطينية. وكان الأردن يدعم بشكل كامل أية منجزات تتحقق لاشقائنا الفلسطينيين، لكن الأوضاع الأخيرة وعدم التزام «إسرائيل» بالاتفاقات التي وقعتها مع الجانب الفلسطيني وتدهور الأوضاع أثر تأثيرا مباشرا على الأردن وخصوصا على العلاقات القائمة بين الاردن و«إسرائيل». فالأردن وشعبه جزء من الوطن العربي، وما يحدث للشعب الفلسطيني داخل الاراضي المحتلة يؤثر تأثيرا مباشرا على الاردن وخصوصا أن الاردن له وضع فريد بين الدول العربية بالنسبة إلى فلسطين لما يربطه بعلاقات أهل مع الأشقاء الفلسطينيين. وبالتالي الشعب الأردني اكثر الشعوب تأثرا بما يحدث في الاراضي الفلسطينية. وهذا ما تحرص القيادة الأردنية على ترجمته في المحافل الدولية، وهذا ما شهده منتدى الاقتصاد العالمي الذي عقد في البحر الميت حديثا إذ أوضح جلالة الملك موقف الأردن والمرتكزات التي يستند عليها الاردن تجاه عملية السلام.
دور إقليمي
ما الأهداف التي تقف وراء منتدى البحر الميت الذي عقد برعاية الملك عبدالله، وخصوصا أنه جمع شخصيات كبرى من صناع القرار السياسي والاقتصادي على مستوى العالم؟ وهل هناك اتجاها لجعله سنويا في الأردن على غرار منتدى دافوس مثلا؟
- نجاح المنتدى الأول شجع على إقامة المنتدى هذا العام. كانت هناك رغبة أكيدة لدى الملك كي يأتي بهذا المؤتمر الى منطقة الشرق الأوسط كي يتم جذب الاهتمام العالمي لهذه المنطقة وأهميتها وضرورة تنمية هذا المنطقة لأن تنمية هذا الجزء من العالم وتقليص البطالة وإيجاد مشروعات تنموية تقضي على الفقر يؤثر تأثيرا كبيرا في إنجاح عمليات السلام. لذلك هناك حرص كبير من القيادة الأردنية على إقامة هذا المنتدى. والأردن باعتباره بلدا آمنا وقوانينه متطورة وقيادته شابة متطورة ونسبة الشباب فيه مرتفعة، كان هناك تجاوب عالمي ودولي لاقامة هذا المنتدى فيه.
بالإضافة إلى أن السياسة المتزنة التي يتبعها الأردن واعتداله دائما تجعل للأردن قبولا بالاضافة إلى إيجاد القدرة على جذب الدول للمشاركة في منتديات تعقد على أرضه ونأمل أن يصبح المنتدى سنويا فقد تمت الموافقة على عقده في المكان نفسه في 20 مايو/أيار من العام المقبل.
أن يجمع الاردن شخصيات سياسية واقتصادية بارزة على أرضه، هل يمهد ذلك لدور مستقبلي؟
- بلاشك في أن الأردن كان دائما متزنا وقيادته تملك بعد رؤية في معالجة الأمور. ودور القيادة الحالية تنمية هذا الدور وابرازه بشكل جيد. كذلك وجود دول عربية مثل الأردن والبحرين متطورة وتعمل على تفعيل دور مؤسساتها الديمقراطية يدحض المقولات الإسرائيلية بأن المنطقة العربية خالية من أية دولة تنتهج النهج الديمقراطي وتملك مؤسسات ديمقراطية.
إن إبراز دور الدول التي تتبع نهجا إصلاحيا وتملك مؤسسات ديمقراطية بالتأكيد له دور كبير في إبراز الصورة المشرقة للوطن العربي وهذا ما يشكله الأردن بالنسبة إلى الشرق الأوسط والبحرين بالنسبة إلى منطقة الخليج العربي، إذ يملك البلدان قيادات متزنة وعقلانية وتتسم بالحكمة وتحرص على تفعيل الإصلاحات السياسية في بلديها. وهذا ما يجعلنا قادرين على رد الحجة القائلة إن المنطقة العربية تخلو من أنظمة متطورة.
بعد الزيارة الأخيرة للملك عبدالله إلى واشنطن، تردد أن الولايات المتحدة تطمح إلى دور يلعبه الأردن لاعادة استئناف المفاوضات بين «إسرائيل» والفلسطينيين. ما الدور الذي يمكن أن يلعبه الأردن؟
- إن الدور الذي قام به الملك عبدالله ورسالة الضمانات التي حصل عليها من الرئيس الأميركي جورج بوش رسالة فتحت المجال أمام الجانب الفلسطيني إلى أن يقوم بإجراء اتصالات مع الإدارة الأميركية ويحيي مسيرة السلام بعدما استطاع رئيس الحكومة الإسرائيلية أن يوقفها ويدمرها. لكن الدور الأردني من خلال زيارته الأخيرة قلبت الموازين وأعادت مسيرة السلام للحياة وعلى إثرها تم الاتصال برئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع ووزير الخارجية الأميركي كولن باول خلال منتدى الاقتصاد العالمي الأخير في الاردن. ومن ثم اللقاء الذي جرى بين رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزيرة الأمن القومي الأميركي كوندليزا رايس... وبالتالي هذه الخطوات فتحت الآفاق من جديد أمام أشقائنا الفلسطينيين.
لدى الأردن مصلحة مباشرة في قيام دولة فلسطينية على أرضها الكاملة وعاصمتها القدس وحصولها على حقوقها كافة. فالأردن متداخل بشكل مباشر مع القضية الفلسطينية وهناك عدد كبير من الفلسطينيين يقطنون الأردن وبالتالي عودتهم وحصولهم على حقوقهم يشكلان أولوية مهمة للاجندة الأردنية. وبالتالي قيام الدولة يعني وقفا لعملية الهجرة المتواصلة التي تسعى إليها «إسرائيل» بقيادة شارون وجعل الأردن وطنا بديلا للشعب الفلسطيني.
في بعض المراحل ابدى الاردن مرونة اكثر في التعامل مع ملف التوطين حين أن دولا مجاورة تتخذ مواقف اكثر تشددا بقبول التوطين؟
- لقد أوضح وزير الخارجية الأردني مروان المعشر هذا الأمر وقال إنه لا يوجد تساهل إنما الرؤية الأردنية تؤكد أن موضوع اللاجئين بحسب الرؤية الفلسطينية أيضا من المواضيع التي وافق الجانب الفلسطيني على بحثها في المرحلة النهائية. فالأردن بالتنسيق مع الأشقاء الفلسطينيين بصورة دائمة يؤكد أن تبدأ المحادثات ويتم تطبيق مقترحات السلام بما فيها خريطة الطريق ويتم طرح موضوع اللاجئين. وإذا لاحظت فإن الملك عبدالله في محادثاته الأخيرة مع الرئيس الأميركي بوش، اخذ ضمانا من الجانب الأميركي بأن موضوع اللاجئين من المواضيع التي تجب دراستها في المرحلة النهائية في مسيرة السلام. لذلك يحاول الجانب الأردني أن يتعامل بحسب الأولويات بدءا من إنشاء الدولة الفلسطينية وإيقاف نزيف الدم اليومي الذي يجري في الأراضي المحتلة وعمليات القتل والتشريد وغيرها من الأولويات.
كان الاردن سيتعرض لعملية إرهابية ستودي بحياة 80 ألف شخص لولا يقظة أجهزة الأمن التي منعت وقوع هذا العمل البشع. هل تعتقدون أن الاردن أصبح يشكل هدفا للإرهابيين في الوقت الحالي؟
- استهداف الاردن ليس أمرا جديدا، فلقد استهدف في عمليات إرهابية تم إفشالها في الماضي كما تم استهداف دبلوماسيين أردنيين في الخارج على يد جماعات إرهابية. وكان المغفور له الملك حسين ينادي بعقد مؤتمر دولي للحد من الإرهاب وحذر من تنامي الحركات الإرهابية. الاردن يكثف جهوده الآن من خلال جهازه الأمني للتصدي لأية أعمال إرهابية قد تستهدف الأردن، والأردن يمتلك والحمد لله جهازا أمنيا قويا.
الحريات
لقد قطع الاردن شوطا كبيرا في مجال الحريات ولكن هناك بعض القضايا التي تواجه بانتقادات من قبل المنظمات الحقوقية في العالم مثل الحد من حرية الصحافة، كذلك موضوع «جرائم الشرف» الذي استفز منظمة «هيومن رايتس وتش» ودفعها لإصدار تقرير عن الاردن ينتقد تعامل المحاكم الأردنية مع هذه القضايا على رغم استياء بعض المسئولين من الطريقة التي يتم التعامل بها مع جرائم الشرف ومع ذلك لم تتخذ الحكومة أي إجراء للوقوف بوجهها...
- الظروف التي تحيط بالأردن والحوادث التي تجري في بلدان مجاورة تؤثر على الشارع الأردني ولكن هناك مصالح أيضا تخص الاردن ويجب الحفاظ عليها. فخروج مظاهرات لا تلتزم بالنطاق المسموح به وهو التعبير عن الرأي وتحولها الى حوادث شغب يدفع الجهات الرسمية للتصدي لهذا النوع من الممارسات. والأردن بلد موارده محدودة ويواجه مشكلات اقتصادية داخلية وهو بحاجة إلى تنمية نفسه وهناك اعتماد كبير على جذب الاستثمارات وخصوصا في الجانب السياحي، لذلك لا يمكن أن يكون هناك تهاون بأمر يتعلق بأمن الاردن واستقراره الذي يشكل رأس ماله الأساسي.
وإذا كانت هناك إجراءات اتخذت بحق أية جهة صحافية فيكون الأمر مرتبطا بمصلحة داخلية للشعب لذلك هناك توازن في التعامل مع مصلحة الاردن الداخلية والتفاعل مع القضايا العربية والإقليمية. وذكر جلالة الملك ورئيس الوزراء باجتماعات كثيرة من مؤسسات المجتمع المدني أن الحزب يجب أن يكون همه وانتماؤه للبلد وليس تغليب أي هم على الهم الوطني أو التعبير عن هموم مجاورة على حساب الهم الوطني. وهذا ما دفع القيادة لتفعيل شعار «الأردن أولا».
أما موضوع جرائم الشرف فقد اخذ حيزا كبيرا من اهتمام الاردن، ما دعا القيادة الأردنية للتدخل بهذا الموضوع وبلا شك أن هناك إساءة في تطبيق قانون العقوبات. وهذا القانون لا يخفف الجرم عن من يرتكب أية عملية قتل لمجرد الشبه أو الأقاويل، لكن العذر المخفف فقط والذي يمنحه القانون للشخص الذي يرتكب أي جرم خلال حال التلبس، ولكن في بعض الحالات تتم إساءة استخدام القانون. وقد لوحظ انخفاض معدل هذا النوع من الجرائم. ولا ننسى أيضا أن الأردن بلد متعدد الأطياف والأعراق وفيه جزء من الشعب أتى للأردن على مدار أربع هجرات وبالتالي هناك تباين في العادات والتقاليد. ونحن لدينا الشفافية في نشر أخبار ما يحدث في المجتمع وبالتالي هناك جرائم تحدث في بلدان أخرى لكن لا احد يتكلم عنها لأنها لا تنقل لوسائل الإعلام ويعتم عليها.
عراق موحد
ما تقييم الأردن للوضع في العراق حاليا وخصوصا في ظل تصاعد المقاومة وتزايد مشاعر المرارة تجاه الولايات المتحدة بعد الكشف عن فضيحة تعذيب المعتقلين في سجن أبوغريب؟
- الاردن دولة مجاورة للعراق وموضوع استقرار العراق أمر يهم الاردن. وكما هو معلوم أن هناك ما يزيد عن 400 ألف عراقي يقطنون الاردن منذ حرب الخليج الثانية. وبالتالي الاردن له مصالح عربية واقتصادية واجتماعية مع العراق. وبالتالي استقرار ووحدة الاراضي العراقية يصب في مصلحة الاردن. والموقف الأردني يدعو بصورة دائمة إلى بقاء العراق موحدا ويعطي العراقيين الحق في أن يحكموا أنفسهم ويختاروا النظام الذي سيحكمهم.
هل تعتقدون أن موعد تسليم السلطة في 30 يونيو/حزيران مازال ممكنا في ظل التعقيد المتزايد في الوضع العراقي وتأثير عمليات المقاومة؟
- نأمل أن يتم الالتزام بهذا الموعد. الوضع الأمني في العراق متدهور، ولكن الاحتلال عليه التزامات دولية بموجب المواثيق الدولية وهذه الالتزامات تفرض عليه أن يمكن العراقيين من حكم أنفسهم واعادة بناء مؤسساتهم. لذلك نأمل أن يتم التسليم في الموعد المحدد كما يؤكد المسئولون الأميركيون.
ما النصيحة التي يمكن أن يوجهها الأردن للولايات المتحدة فيما يخص الوضع العراقي؟
- بصورة دائمة هناك تنسيق بين المسئولين الأميركيين والأردنيين من خلال عملية التشاور في قضايا المنطقة. والأردن يبدي رأيه بصراحة... المحافظة على وحدة العراق امر مهم. وحتى يستطيع العراقيون التغلب على تدهور الأوضاع الأمنية يجب أن يتم خلق فرص عمل وبنية اقتصادية داخلية واعطاء الشعب حقوقه البرلمانية، واختيار من يمثل الشعب العراقي تمثيلا حقيقيا وعلى أسس صحيحة وليس الاعتماد على رجالات ليس لها أي دور في العراق من خلال اختيار شخصيات يستطيع المواطن العراقي أن يثق بها وبدورها على الساحة السياسية العراقية.
هناك دعوات متزايدة إلى إرسال قوات عربية تحت مظلة الجامعة العربية الى العراق. الملك عبدالله ذكر أن إرسال قوات عربية للعراق امر غير مرحب به وخصوصا من الدول العربية المجاورة، لكن الاردن يقدم مساعدة في تدريب أجهزة الأمن أو الجيش العراقي. لماذا لا يوجد ترحيب أردني بإرسال قوات إلى العراق في الوقت الحالي؟
- العراق بلد عربي قبل أي شيء. ووجود القوات الأميركية في العراق وجود احتلال، والأردن لا يشارك أية قوة في احتلال أية دولة عربية مثله مثل باقي الدول العربية. وعندما يتسلم العراقيون حكم أنفسهم ويبدوأن بإعمار بلادهم في إطار الأمم المتحدة، اعتقد بعد ذلك اذا كانت هناك ضرورة عربية للمساعدة بإرسال قوات لحفظ السلام والاستقرار ومساعدة نظام الحكم في العراق لبناء دولته لا اعتقد أن الاردن سيتأخر عن تقديم أية مساعدة ممكنة. والأردن الآن يساعد في بناء قوات وتدريب جهاز الشرطة، لكن إرسال قوات لتكون إلى جانب قوات احتلال في العراق أمر غير ممكن على الإطلاق.
الضغوط على سورية
تتعرض سورية لضغوط أميركية توجت بموافقة الكونغرس على قانون معاقبة سورية. ما هي وجهة نظر الأردن في الخطوة الأميركية؟
- سورية دولة عربية شقيقة ومجاورة وتربطها بالأردن علاقات وطيدة تاريخيا على مختلف الأصعدة وبالتالي نشعر أن الحظر الذي سيفرض على سورية سيؤثر سلبا على سورية وعلى تقدمها وبالتالي دائما نتمنى أن تجتاز سورية والأردن الصعوبات الاقتصادية والسياسية التي تواجههما. وفرض أية عقوبات على أية دولة عربية أمر نستاء له وبالذات اذا كانت دولة مجاورة. وتنمية سورية وتطورها امر يهم الاردن واي حظر اقتصادي سيخلق تحديا جديدا أمام سورية ومسيرتها. والمؤسسات الاقتصادية في الاردن ترتبط بعلاقات مع المؤسسات الاقتصادية في سورية، وبالتالي الحظر سيؤثر على التعامل الاقتصادي بين البلدين بشكل مباشر.
الإصلاح موضوع مطروح بقوة في الدول العربية كما أنه يمثل مطلبا تضغط من اجله الولايات المتحدة على الحكومات العربية. ما هي وجهة النظر الأردنية في هذه المسألة؟
- لقد نادى المغفور له جلالة الملك حسين بن طلال بعملية الإصلاحات منذ فترة طويلة وقام بدوره بتطوير القوانين واعطاء المرأة حقوقها السياسية واعطائها حق الترشح والانتخاب والاهتمام بحقوق الإنسان وفتح المجال لقيام حياة برلمانية وتشكيل نقابات وأحزاب سياسية. وهذا ما سبق الاهتمام الأميركي بعملية الإصلاح في الشرق الأوسط. وجاء الملك عبدالله الآن لينقل الاردن نقلة نوعية بهذه المسارات وتطوير جميع مؤسساته والقوانين والتشريعات المعمول بها. كانت هناك رؤية لدى الاردن عن أهمية الإصلاح وفوائده للشعوب العربية وأن يأتي من الداخل على أساس الشراكة مع الشعوب بصنع القرار.
علاقات تاريخية
يحتفظ الأردن بعلاقات قديمة وقوية مع معظم الدول العربية. كيف تقيمون علاقات الأردن العربية ومع البحرين خصوصا؟
- تميزت المرحلة الحالية بتنمية العلاقات مع الدول العربية كافة وهذا ما جعله يتمتع بعلاقات اكثر من جيدة من الدول العربية. وهناك علاقات تاريخية تربط الاردن بمملكة البحرين على مستوى القيادتين والمستوى الشعبي. والحمد لله البلدان يتمتعان بعلاقات نموذجية نتمنى أن تكون العلاقات العربية - العربية على مستوى هذه العلاقات.
ما هو حجم التبادل التجاري بين البلدين؟ وهل هناك آفاق لزيادة حجم التبادل بينهما؟
- يرتبط الاردن والبحرين باتفاقات اقتصادية عدة منها تطوير وتشجيع الاستثمار وعدم الازدواج الضريبي. آخر اتفاق تم في هذه العلاقات اتفاق التجارة الحرة الذي وقع في العام 2001 بين الاردن والبحرين اثر اجتماع اللجنة العليا المشتركة التي تم تشكيلها على مستوى رؤساء الوزارة وهذه تجتمع كل عام. هذا الاتفاق أعفى منتجات البلدين من الضرائب والرسوم كافة وساعد على تطوير العلاقات التجارية وخصوصا في مجال تصدير الخضراوات والفواكه والأدوية من الاردن فيما تصدر البحرين للاردن الأدوات الكهربائية من مكيفات وكوابل وتجهيزات كهربائية. والآن دخل للبحرين الرخام والحجر الأردني وهذه آفاق متعددة لتنمية العلاقات الاقتصادية. وخلال السنتين الماضيتين تم تفعيل الجانبين السياحي والثقافي، والجانب السياحي بأنواعه سواء بهدف العلاج او السياحة الدينية إذ يوجد في جنوب الأردن مقام الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب (رض) الذي قتل في معركة «مؤتة». لذلك هناك الكثير من الاخوة الشيعة يزورون هذه المنطقة أيضا إلى جانب السياحة بغرض الترفيه. وعلى رغم الظروف التي مرت بها المنطقة فقد زار المملكة ما يزيد عن 17 الف بحريني خلال العام 2003. أما الجانب الثقافي فهناك الكثير من أوجه التعاون إذ هناك الكثير من الطلاب البحرينيين الذين يتلقون تعليمهم في الجامعات الأردنية بتخصصاتها المختلفة.
تعتزم مملكة البحرين توقيع اتفاق للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة قريبا على غرار الاتفاق الذي وقعه الأردن. كيف يمكن أن تنعكس مزايا اتفاق التجارة الحرة بين البلدين والولايات المتحدة على العلاقات الاقتصادية بينهما؟ أي هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى تنامي العلاقات الاقتصادية بين البلدين والتبادل التجاري؟
- منذ عامين دعونا رجال الأعمال في البحرين للقدوم للأردن والاستفادة من مزايا الاتفاق الذي وقعه الأردن مع الولايات المتحدة الأميركية وكذلك اتفاق تعاون الشراكة مع الدول الأوروبية. فالمنتجات الأردنية لا تغطي الكوتا المسموح بتغطيتها من خلال اتفاق الشراكة الأوروبية وبالنسبة إلى الأسواق الأميركية طالما أن المنتج أردني فهو مسموح بتصديره من دون تحديد الكميات للأسواق وقد استفاد بعض رجال الأعمال البحرينيون من خلال تصدير منتجاتهم عن طريق الاردن. والآن البحرين مقدمة على توقيع اتفاق مماثل واعتقد أن البحرين ستحقق الكثير من الاستفادة من هذا الاتفاق. يجب ألا ننسى أن السوق الأميركية كبيرة وواسعة وستستوعب منتجات البلدين. والبحرين ستكون خامس دولة توقع هذا الاتفاق الذي سينعش الأسواق البحرينية. لقد كان هذا الاتفاق بالنسبة إلى الأردن بمثابة القفزة النوعية إذ إن صادرات الاردن للولايات المتحدة ارتفعت من 40 مليون دولار إلى نصف مليار دولار أميركي. ومما يشجع على ذلك رخص الايدي العاملة في الاردن مقارنة بالولايات المتحدة الاميركية
العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ