حمدا لله ألف مرة أن أحدا من الذين شاركوا في مسيرة يوم الجمعة (على اختلاف التسميات لهذه المسيرة) لم يصب بأذى كبير... وحمدا لله ألف مرة أن سلم الله العلماء والمشايخ والفعاليات البارزة من الأذى بسبب التهور واللامسئولية من جانب بعض من قوات الأمن في التعامل مع مسيرة سلمية، تم المساس بمشاعر من شارك فيها فخرج ليعبر عن رأيه وموقفه.
وكما صبّت أقلام صحافية عدة جام غضبها على قوات الأمن (كالعادة)، وهي هنا مُلامة ولاشك، فإننا في «الوسط» استغرقنا لساعة ربما أو أكثر في قراءة بعض من المقالات التي حمّلت الطرف الأمني المسئولية، وذلك حتى تهدأ النفوس شيئا ما وتستقر.
وإذا أخذ الجانب الأمني حظه من اللوم، فعلينا أيضا ألا ننسى الجانب الشعبي، وألا نهوّن من الثغرات ونجعلها باهتة في السياق العام.
فمن يتصدى لتنظيم مسيرة يشترك فيها الآلاف، بغض النظر عن تعدادها ما بين الإفراط والتفريط، عليه مسئولية عظيمة هي الحفاظ على أرواح من يشترك فيها، وعليه أن يتأكد من قانونية هذه المسيرة بالأدلة المكتوبة وليس بالقيل والقال والهاتف والاتصال، فليس هدفا لمسيرة سلمية أن تراق فيها قطرة دم واحدة، إما بالصدام المباشر، أو نتيجة التدافع، ألا يكفينا شهيد واحد ظلت قضيته في المحكمة عامين، فنسيت القضية التي خرج من أجلها، وبقيت قضية مقتله؟
وإذا تفرقت الجموع بحضارية هذه المرة، فليس من المؤكد أن الأمر سيتكرر مستقبلا بالروح ذاتها، وبالهدوء ذاته، فلكل حادثة ظروفها الموضوعية الخاصة. فحتى صدور قانون خاص بتنظيم المظاهرات والمسيرات، والجهة المرخصة لها، ووقتها (بداية ونهاية)، وخط سيرها، والمسئول قانونا عنها، وكيفية حمايتها من الناس وحماية الناس وممتلكاتهم منها، سيظل على المنظمين توخي أقصى درجات الحيطة، والأخذ بكل الأسباب التي تجعل «الجرّة» تسلم في المرات المقبلة
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ