العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ

«قرف واشمئزاز» من الموقف الأميركي والخنوع العربي

متابعات في الصحف العربية

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

في الوقت الذي كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفذ مجزرة في رفح راح ضحيتها 14 شهيدا وأكثر من 50 جريحا عندما أطلقت مروحيتها على مسيرة فلسطينية سلمية، ارتكبت قوات الاحتلال الأميركية مجزرة أكبر في العراق إذ أغارت طائراتها على مجموعة من العراقيين كانوا يشاركون في حفل زفاف في قرية عراقية قرب الحدود السورية.

وعبرت عناوين وافتتاحيات الصحف العربية عن الغضب مما جرى ويجري في البلدين المحتلين، حتى بعض الصحف العربية دمجت أنباء المجزرتين، لافتة إلى اليوم الدموي الطويل الذي عانى منه الفلسطينيون والعراقيون على أيدي قوات الاحتلالين. وعبر كثير من المعلقين عن «القرف والاشمئزاز» من الموقف الأميركي، لكن الغالبية أيضا لاحظت ضعفا ووهنا عربيا في مواجهة الاعتداءات المستشرية. وكان ثمة إجماع من المعلقين على التصميم الفلسطيني على إخراج «إسرائيل» من غزة، فقرار الخروج في التظاهرة إلى حي السلطان التي انتهت بمذبحة مروّعة لم يكن اعتباطيا، ولعل غالبية المتظاهرين كانوا يشعرون بأنهم لن يعودوا إلى منازلهم أحياء أو سالمين، وهذا ما حصل فعلا لأن الإسرائيليين أيضا كانوا يدركون ان عودة غالبية المتظاهرين إلى منازلهم تعني انكسارا جديدا أمام تحدّي الوجود الفلسطيني الذي لا يعرف المساومة، بل بلغ مراحله النهائية في غزة التي توشك على استرداد حريتها.

هكذا كتب ساطع نورالدين في «السفير» اللبنانية، وجاء في عنوان «القدس العربي» الفلسطينية التي تصدر من لندن، «فجور أميركي وخنوع عربي» فيما أعرب رئيس تحريرها عبد الباري عطوان، عن ألمه «لأننا لم نسمع زعيما عربيا واحدا يقول كلمة شجاعة في مواجهة هذه العدوانية الأميركية السافرة تجاه العراق وفلسطين وسورية». لافتا إلى ان الرئيس مبارك تأخذه الحمية والغيرة على أشلاء الجنود الإسرائيليين وحرمتها، بينما لا يحرك ساكنا لإنقاذ الأحياء في رفح وجنين ونابلس والخليل. ورأى ان هذه المواقف العربية المخجلة هي التي تشجع شارون على المضي في مجازره وتطهيره العرقي! وكتبت «القدس» التي تصدر في الأراضي المحتلة، ان ما حدث في رفح يجب أن يكون صرخة مدوية توقظ الضمائر النائمة كلها في العالم العربي الذي أخلدت حكوماته إلى سبات عميق.

وكتب هاني حبيب في «الأيام» الفلسطينية، ان أميركا لم تمنح «الضوء الأخضر» لمعركة رفح بل قامت بما هو أسوأ من ذلك من خلال الضغط السياسي المكثف على القيادة الفلسطينية. وأكد حبيب ان شارون قد يتمكن من حفر خندق حدودي فاصل آخر هذه المرة تحت الأرض وليس جدارا فوقها، إلا انه لن يحجب الحقيقة الأهم وهي ان شارون خرج من قطاع غزة مجللا بالخيبة.

واستنكرت الصحف السعودية بشدة المجازر التي تحاصر العرب في فلسطين والعراق والتي باتت الخبز اليومي لهذه الأمة، فعنونت «عكاظ» «مجزرتان... أميركية في عرس عراقي وإسرائيلية في مسيرة فلسطين» وجاء في «مانشيت» «الوطن»: «أطفال فلسطين ينزفون قبل قمة تونس تحت وطأة الأباتشي والعجز الدولي!» وتحدثت في افتتاحيتها عن «النفاق الدولي تجاه جرائم الحرب الإسرائيلية» وحذّرت الجميع من ان أولئك الذين كانوا يلومون المنظمات الفلسطينية على أية عملية تقوم بها في العمق الإسرائيلي تجاه المدنيين الإسرائيليين الذين انتخبوا مجرم الحرب شارون قد يراجعون حساباتهم.

«الرياض» ذكّرت «ان قائمة عذابات العربي اليومية التي يتناولها مع فطور الصباح هي: محاكمات، قتلى، خطف، اغتصاب، أحكام بالسجن، نسف منازل» وتتكرر الوجبات من طباخين أميركان وإسرائيليين، ونحن نعيش هذه الحال من الانفصام منذ نصف قرن. وسألت: «كيف استطاعت هذه الأمة (في الماضي) أن تقاطع البضائع وتوقف تنزيل حمولات السفن العائدة من أوروبا، وترفض استقبال طائراتهم، وحظر النفط لتؤكد حضورها في ساحة الصراع العالمي، ثم يتبخر كل هذا مع اليأس وتتالى الصدمات ونبدأ بلعن أنفسنا حين فرطنا بصداقتنا مع أميركا لنعزلها عن «إسرائيل» بينما الحقيقة أن لا خلاف على الاستراتيجيات والممارسات وحتى الحروب طالما العرب مجرد طريق صغير في خانة الكرة الكبرى، تمارس عليهم الدولتان سادية وانتقاما منهم ومن معتقداتهم وتراثهم وإنسانيتهم.

قبر للحلم الفلسطيني

أما «الشرق الأوسط» فكان عنوانها الرئيسي «إسرائيل ترتكب مجزرة بقصف مسيرة للأطفال والنساء... بوش قلق ويدعو لضبط النفس ويدعو إلى احترام أرواح الأبرياء وأوروبا تتهم «إسرائيل» بالاستهانة بالحياة البشرية». وجاء في «مانشيت» شقيقتها اللندنية أيضا «الحياة»: «مذبحة رفح: قذائف إسرائيلية تحصد متظاهرين وعرفات يطالب بقوة دولية». وكتب غسان شربل فيها أن «شارون يرقص فوق الأشلاء... فالقاتل يبتسم في سره ويقول: الشرق الأوسط موعود بأشلاء كثيرة». لافتا إلى ان شارون لا يريد غزة، فهي ليست مدرجة أصلا في خريطة الحلم الصهيوني. فشارون يرى ان غزة مكلفة بكل المقاييس وأنها معهد الانتحاريين. لهذا لا يريد شارون استمرار الإقامة فيها لكنه قبل الانسحاب يريد أن يرسم مستقبلها فهو يريدها قبرا واسعا لأهاليها وللحلم الفلسطيني. ولاحظ شربل، ان القاتل الكبير اختار للمجزرة الجديدة توقيتا ملائما؛ فبوش يتخبط في استطلاعات الرأي والجيش الأميركي يتخبط في الحريق العراقي. وليس لدى شارون ما يقلقه على جبهة المنظمة الدولية التي افترست الحرب في العراق هيبتها كما انه ليس لديه ما يقلقه على الجبهة العربية.

الصحف الإماراتية أيضا، لم تغب عن صفحاتها المجازر، ففي «الخليج» «شارون يذبح الأطفال برخصة قتل أميركية»، ونداءات واعرباه لم تعد تجدي... فالفلسطيني وحيدا يقاوم.

وشغلت مجزرة رفح معظم الصفحة الأولى في «البيان» في تغطية شاملة للعدوان. وسألت: هل باع العالم الفلسطينيين للصهاينة القتلة والسفاحين الذين يتلذذون بقتل الصبية والأطفال الأبرياء؟ وسجلت «الشرق» القطرية، «يوم دموي في العراق وفلسطين» وأكدت انه حان الوقت لوقف هذا الجنون، لافتة إلى ان التدخل الدولي المباشر لا يشكّل خدمة يمنُّ بها أحد على الفلسطينيين وإنما هو واجب تمليه الضرورة والمصلحة لكل المهتمين باستقرار وأمن ومستقبل هذه المنطقة وبتطور مصالحهم فيها.

الكويتية بين رفح وستار أكاديمي

أما الصحف الكويتية فأبرزت المذبحة في فلسطين، وقالت «القبس» في افتتاحيتها: «وسط صمت عربي مخجل، حولت طائرات شارون ودباباته أجساد عشرات الأطفال والنساء في رفح إلى أكوام وأشلاء». وإذ غابت المجزرة في العراق عن الصفحة الأولى في «الرأي العام» عنونت «48 شهيدا خلال 48 ساعة في رفح» لكن «الوطن» التي تعددت موضوعات صفحتها الأولى، وشكل القانون الانتخابي، وتعديل قانون الدوائر الانتخابية في الكويت، الحدث الرئيسي، في الصحيفة الكويتية، وأبرزت تاليا ان «70 في المئة من حضور حفلي «ستار أكاديمي» بدبي «كويتيون» كما أكد لها منظمو الحفل، فيما غابت المجزرتين في فلسطين والعراق على حد سواء عن اهتمامات الصحيفة.

من جانبها الصحف اللبنانية، وعلى رغم انشغالها بالانتخابات البلدية في الجنوب الأحد المقبل، أبرزت المجزرتين في فلسطين والعراق وشبهت «مانشيت» «السفير» مجزرة رفح بمجزرة قانا في جنوب لبنان في العام 1996 فعنونت «بطل مجزرة قانا يقود مذابح رفح، وآخر ضحاياه متظاهرون. الدم الفلسطيني يعدّل خطة الفصل وشارون يضمن شراكة عربية ودولية لتنفيذها» فالقاتل هو القاتل والضحية هي الضحية مرة أخرى والفارق في الأرقام.

وذكرت «السفير» أنه إبان قانا، كانت المدفعية الإسرائيلية التي تتفاخر بدقة إصابة قذائفها تحت إمرة الجنرال دان هارئيل عند قصف معسكر الأمم المتحدة في العام 1996 في ذروة حملة عناقيد الغضب. وكان الجيش الإسرائيلي برمته في الجبهة الجنوبية تحت إمرة الجنرال ذاته في مجزرة رفح. وإذ لفتت إلى ما يتردد من ان شارون طالب بهذه الحملة لتحويل الأنظار عن نتائج استفتاء ليكود وإعادة الحلبة السياسية الإسرائيلية إلى السكة المتفق عليها مع أميركا. وكان يعتقد، وربما عن حق، أن العملية العسكرية في رفح أيا كانت نتائجها ستقود إلى تحريك خطة الفصل وإعادة ربط الحركة الداخلية الإسرائيلية بالحركة الإقليمية التي أحدثها الأميركيون حول هذه النقطة، لاحظت ان ثمة أهمية واضحة على هذا الصعيد للموقف الذي أبداه أحمد قريع بخصوص القبول المشروط للخطة. كما ان هذا تجلى كذلك في تعديل الموقف المصري من خطة الفصل واعتبارها بحسب وزير الخارجية المصري أحمد ماهر فرصة يمكن استغلالها. وكان الأردن رسميا رحب بالخطة بعد أن أيدتها الرباعية الدولية. وهكذا، أسفت «السفير» لأنه على رغم حمام الدم الفلسطيني وربما بسببه، تتقدم الخطة الإسرائيلية للفصل مع بعض التعديلات.

وجاء في مانشيت «النهار»: «يوم دموي طويل من غزة إلى العراق»، وفي «الأنوار»: «استشهاد عشرات الفلسطينيين والعراقيين بغارات جوية إسرائيلية وأميركية» وقالت «البلد»: «عرس دم في العراق... و«قوس قزح»: «أشلاء في رفح، وفي «اللواء» «جرائم شارون - بوش: قتل متعمد للعشرات من فلسطين إلى العراق» وشدّد رئيس تحرير السفير جوزيف سماحة على انه إذا كانت «إسرائيل» تحظى بحماية أميركا ومساعدتها فذلك لأنها، على حد قول شارون، أفضل استثمار أميركي في الخارج. وإذ أكد سماحة: ان هذا على الدوام، كان وعي النخبة الأميركية الحاكمة انتهى إلى «بغداد أولا ثم نبني الشرق الأوسط الكبير»! وسأل سماحة: هل كانت الولايات المتحدة تجازف أصلا باحتلال العراق لولا اطمئنانها إلى ان في المنطقة قوة بحجم «إسرائيل» تشكل جيش احتياط يمنع أي طرف إقليمي من التحرك؟ وأكّد انه يمكن الجزم ان منظمي حملة جون كيري عاكفون، الآن، على إيجاد السبل التي تجعل مرشحهم أكثر حرارة واندفاعا في مخاطبة «إيباك»

العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً