منذ بروز ظاهرة مقتدى الصدر وما رافق ذلك من تطورات ميدانية تتعلق بتصعيد المنافسة السياسية بين التيار الصدري والتيار «الحكيمي» اذا جاز التعبير، واستناد كلا الطرفين إلى قوة عسكرية «ميليشيات» مسلحة هي «قوات بدر» و«جيش المهدي»، حاول بعض أنصار المرجعية الرسمية الدخول إلى حلبة الصراع بقوة ثالثة تتمثل بأتباع السيدعلي السيستاني، ولكن المرجع الأعلى السيدعلي السيستاني فوّت على هؤلاء فرصة توسيع دائرة المعركة، وأثبت من خلال مواقفه العامة أنه لا يمثل أيا من التيارات المتصارعة تمثيلا ضيقا، وإنما هو الممثل الأكبر لجميع شيعة العراق بمن فيهم جماعة الصدر وجماعة الحكيم، ونهى هؤلاء من إبراز أية تكتلات مسلحة في المدن المقدسة.
وأطلق السيستاني تصريحات كان أهمها ما يتعلق بـ «الانتخابات العامة» وعدم مشروعية أي مجلس أو حكومة، لا تقوم على أساس الانتخاب وقبول أكثرية العراقيين بها، وهذا الموقف وحد إلى حد بعيد معظم العراقيين شيعة وسنة، ولكن هنالك بعض التجمعات أو الاشخاص التي وقفوا موقفا آخر، اذ رحبوا بالدعوة إلى الانتخابات كمبدأ يتفق عليه الجميع، ولكنهم طالبوا أولا بإنهاء الاحتلال واستتباب الأمن.
ولم يصر السيستاني على هذا الموقف أو تزمت به، ما دامت هنالك بعض المعارضة، وبذلك احترم رأي الأقلية، وبعد ذلك حاولت أطراف مختلفة شيعية في مجلس الحكم أو خارجه تحريض السيستاني على بعض الشئون، ولكنه غالب الصمت، وهو الآن لم ينت حول حوادث النجف وكربلاء، ولكنه طالب الأطراف المتصارعة: جيش المهدي، بإعتباره قوة مسلحة والقوات الأميركية بالخروج من المدن المقدسة، ودعا العراقيين إلى عدم التوجه إلى هاتين المدينتين للظروف الاستثنائية الحالية، ولكن مقربين منه يؤكدون ان الوضع المقبل في العراق اذا تطلب موقفا من السيستاني، فإنه سيتخذه ارتباطا بمصالح العراقيين.
لذلك فإن الأطراف العراقية كافة تعتبر السيستاني الرجل الذي يستطيع ان يفصل بين المشكلات. ومازال يعتبر المرجعية الرسمية للجميع، وهو عبارة عن بوصلة للتوازن بين الاطراف الشيعية المتصارعة كافة
العدد 622 - الأربعاء 19 مايو 2004م الموافق 29 ربيع الاول 1425هـ