العدد 620 - الإثنين 17 مايو 2004م الموافق 27 ربيع الاول 1425هـ

الانسحاب من غزة حتمي بعد نجاحات المقاومة

متابعات في الصحف العربية الجذلى

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

تناولت الصحف العربية الضربات التي تعرضت لها الدولة العبرية التي تلقت قبل أن تفيق من صدمة كمين حي الزيتون في مدينة غزة، ضربة مذلة ثانية عند الحدود مع مصر، حيث وجهت المقاومة الفلسطينية ضربة جديدة للاحتلال إذ تم تدمير مدرعة عسكرية إسرائيلية في عملية نوعية مزدوجة استهدفت رتلا لدبابات إسرائيلية كانت تتقدم على محور فيلادلفي، وتناثرت أشلاء ما لا يقل عن خمسة جنود، بعد أن سقط ستة جنود في كمين حي الزيتون، إذ باتت خسائر العدو خلال أقل من 36 ساعة، 11 جنديا، استردت «إسرائيل» أشلاء 6 منهم بعد اتفاق أبرم بوساطة مصرية مقابل انسحاب الإسرائيليين من حي الزيتون.

جذل عربي

أجمع غالبية المعلقين العرب على وصف الهجمات الفلسطينية، بالمتميزة والنوعية، ورحبت الصحف الفلسطينية على رغم الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية على المدنيين وسقوط الكثير من الشهداء ومئات الجرحى، بالهجمات على الجنود الإسرائيليين «فالفلسطيني هو الذي يمكن أن يقلب الطاولة وأن يعيد الهرم ليستقيم على قاعدته بعدما بات على رأسه».

ورجح كثيرون أن تضع هذه العمليات «إسرائيل» في مأزق قد يجرها إلى التفاوض مع المقاومة. لكن في معرض إدانتها لتعذيب الأسرى العراقيين، وذبح المواطن الأميركي نيكولاس بيرغ، أدانت صحف سعودية قيام فلسطينيين بالتجول في شوارع غزة عارضين أشلاء جنود إسرائيليين قتلى. غير ان رئيس تحرير «السياسة» الكويتية أحمد الجار الله، ساوى بين الطريقة الوحشية التي أظهرها فيلم «أبومصعب الزرقاوي» عن ذبح أميركي في العراق، وبين أعمال المقاومين في غزة، من دون أن يشير إلى ان من أسماهم ساخرا «أبطال الجهاد الإسلامي في غزة» لم يفعلوا سوى أن حاولوا عرقلة مجنزرة إسرائيلية، التي من سوء حظ الجنود المحتلين، انها كانت محملة بأطنان من المتفجرات، ما لبثت وهي تقوم بنزهة!! في حي الزيتون، أن انفجرت قبل أن تهدي هذه الأطنان لأطفال فلسطين.

ولاحظت «السفير» اللبنانية في «المانشيت» ان «السيناريو اللبناني يتكرّر... أشلاء إسرائيلية جديدة تتناثر في غزة». لافتة إلى انه قبل أن تعالج «إسرائيل» آثار عملية حي الزيتون التي تناثرت فيها أشلاء ستة جنود عادت وتناثرت في مخيم يبنا أشلاء ما لا يقل عن خمسة جنود آخرين. معتبرة انه فجأة وجدت حكومة شارون نفسها أمام واجب الاستعجال في الحسم بين أن تعد العدة لعملية «سور واق ثانية» في غزة، أو تنفيذ الفصل بسرعة أكبر بعد إشارات مصرية إلى استعداد للسيطرة الأمنية على محور فيلادلفي. ورأت ان ما يظهر من التعاطي الإسرائيلي هو الإحساس بالعجز. فالجيش يفعل كل ما بوسعه ولكن الأمور لا تسير دوما بالشكل الذي يريد.

لبننة القطاع!

وبالمقابل، فإن الفلسطينيين يرون في خسائر الإسرائيليين الأخيرة تأكيدا ان المقاومة مجزية وأن لها زخما يجب استثماره. مشيرة إلى ان ثمة من يقول ان حال «لبننة» تنشأ في غزة ليس فقط على صعيد المقاومة وإنما كذلك على صعيد العلاقة بين السلطة والمقاومة.

من جهة أخرى، أثارت «السفير» الوساطة المصرية لإعادة أشلاء الجنود الإسرائيليين القتلى إلى «إسرائيل»، ولفتت في العنوان إلى ان «شارون يشكر مبارك على المساعدة في تحريك خطة الفصل» معتبرة انه في الوقت الذي يخوض فيه الجيش الإسرائيلي صراع الإرادات مع الفلسطينيين في القطاع، يبحث شارون عن مخرج سياسي لدى حسني مبارك، وذكّرت السفير ان مدير مكتب شارون دوف فيسغلاس زار القاهرة أخيرا كما زار عمر سليمان تل أبيب.

واعتبرت «القدس العربي» الفلسطينية، التي حيت الفدائيين على نجاح عملية حي الزيتون، ان السؤال الآن هو بشأن قدرة الفصائل التي تحتفظ بأشلاء الجنود على الصمود في مواجهة الضغوط الإسرائيلية وضغوط السلطة الفلسطينية ووسطائها وضغوط الأخيرة أخطر لأن نفس هذه السلطة قصير جدا. لكن الأمر الذي لا خلاف عليه هو ان هذه العملية الفدائية الناجحة تشكل نقلة نوعية في المقاومة التي لم تعد تخشى تهديدات شارون والوقائع على الأرض تثبت انها تقترب من النصر بعد أن جعلت كلفة الاحتلال باهظة جدا.

ورأى هاني حبيب في «الأيام» ان نتائج المعركة الدائرة الآن في غزة، قد تغير جوهريا في طبيعة المرحلة الحالية، على رغم انه أعرب عن اعتقاده ان الأمر سيظل على حاله، بصرف النظر عن نتائج معركة غزة، فيما يخص المنظومة العربية. لكن الكاتب اعتبر ان المتغير الوحيد الممكن، هو تحرك الشارع العربي الذي نجح القادة العرب في تهدئته ولجمه. مشددا على ان هذا التحرك هو الذي يمكن أن يقلب الطاولة وأن يعيد الهرم ليستقيم على قاعدته بعدما بات على رأسه. ولكن حتى حدوث ذلك، يرجح أن يظل الدم الفلسطيني المسفوح على مذبح الأمة، وحيدا في معركة غير متكافئة. وشدد على ان معركة غزة، مهما كانت نتائجها ترسم مستقبل جيل عربي قادم يعلم ان كرامته رهن قدرته على التصدي لعناصر الإذلال والهوان، إذا كان يتطلع إلى دور يتوجب أن يلعبه في عالم لا قيمة فيه إلاّ للأقوياء، في عناصر الاقتصاد والاجتماع والأمن والديمقراطية والقدرة على الإصلاح. وختم معتبرا ان معركة غزة، معركة من معارك طويلة، يجب أن تتوج في نهاية الأمر بالانتصار، إذا ما مسكنا بصدق، بعناصر القوة هذه.

شعب الزيتون

أكد فؤاد أبو حجلة في «الحياة الجديدة» الفلسطينية، على هامش نجاح عملية حي الزيتون، ان الشعب الفلسطيني ليس شعبا عاديا ولا يمكن أن يكون لأن الزيتون المروي بالدم ينتج زيتا لا يصير ماء.

وتحت عنوان «لعنة الزيتون» كتب توفيق وصفي في «الأيام» عن يوميات غزة، لافتا إلى التفاصيل التي عاشها الغزاويون قبل وبعد عملية حي الزيتون. وأكد ان غزة، لم تنم ليس فقط في حي الزيتون، لأن الإسرائيليين يوحون بأن كل غزة مشتركة في إخفاء الأشلاء، فتحوم الآباتشي فوق كل حي ومخيم، زارعة الرعب في كل بيت، وكأنها تُحمّلهم مسئولية كل قطعة من هذه الأشلاء. أما بالنسبة إلى المقاومين، بأسلحتهم البسيطة وأجسادهم الفتية، لا يعنيهم الهدف القادم للقوات الغازية، بقدر ما يعنيهم التصدي لها حيثما أمكن وبأي سلاح، لمنعها من الانتصار على إرادتهم، وكأنهم جزء لا ينفصل عن الأرض التي يقفون عليها، أشبه بأشجار الزيتون العصية على الاندثار.

وإذ لم تتطرق «القدس» الفلسطينية التي تصدر من الأراضي المحتلة، إلى عملية تفجير الدبابة الإسرائيلية ومقتل من فيها، رأت ان اجتياح حي الزيتون ليس أمرا طارئا أو غير اعتيادي لأنه في واقع الأمر نهج منتظم تصر الحكومة الإسرائيلية على اتباعه على وهم انه سيحقق للاحتلال والاستيطان الثبات والاستقرار في وجه إرادة الشعب الفلسطيني.

ورحبت الصحف الإماراتية بالعمليتين. كذلك أشادت الصحف القطرية بالهجمات واعتبرتها نقلة نوعية. فجاء في افتتاحية «الوطن» القطرية، ان عملية غزة تطور نوعي لافت ومهم في الفكر الفلسطيني المقاوم وتنوع في عمليات المقاومة، لكنها لاحظت ان شارون لا يرغب في استيعاب الدروس والرسائل التي تلقنها له المقاومة الفلسطينية، الأمر الذي - برأي الصحيفة القطرية - يحتم على مجلس الأمن سرعة التحرك والمبادرة والتدخل الجاد لكبح جماح الاندفاع الإسرائيلي الذي لا يرى سوى أطماعه ولا يسمع إلاّ صدى غطرسته التي تقود المنطقة إلى الهاوية.

شارون يكرّر أخطاءه

ووصفت «الشرق» القطرية، عملية حي الزيتون، بالمتميزة والنوعية، ورأت انها وضعت «إسرائيل» في مأزق قد يجرها إلى التفاوض سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع المقاومة، مؤكدة ان الاستمرار في عمليات من هذا النوع كفيل أيضا بتضييق الخناق على قوات الاحتلال في استهدافها للمدنيين على الجانب الفلسطيني الذي لن يكون مبررا في تلك الحال، لأنه سيفتح عليها بابا من الانتقادات حتى من أقرب حلفائها «الولايات المتحدة».

ورأى ساطع نور الدين في «السفير» انه إذا كانت «إسرائيل» انسحبت من جنوب لبنان كي تحتفظ بمرتفعات الجولان السورية المحتلة، أو على الأقل كي تؤجل وتعدل شروط التفاوض بشأنها، فإن انسحابها المقبل من قطاع غزة، والذي صار حتميا ووشيكا بعد النجاحات الأخيرة للمقاومة الفلسطينية، يدخل في سياق مختلف ولن يؤدي إلى استنتاجات مشابهة فيما يخص المراحل التالية من التسوية الفلسطينية. وإذ لاحظ ان اسم لبنان، قفز مرة أخرى إلى صدارة النقاش الإسرائيلي، أكد ان حضور اسم لبنان لم يكن عرضيا هذه المرة. موضحا ان هناك شبه إجماع على ان شارون يكرر اليوم خطأ أسلافه من «حزب العمل الإسرائيلي» الذين أعلنوا قرار الانسحاب من الجنوب اللبناني ثم انتظروا سنوات قبل أن يعمدوا إلى تنفيذه بشكل عاجل وتحت جنح الظلام، على رغم ان الأمم المتحدة تمكنت بسرعة من تبديد اللبس والغموض بشأن الحدود بواسطة الخط الأزرق. لكن في غزة لن تكون هناك حاجة إلى رسم خط أزرق، فالحدود متآكلة، لكنها معروفة ومرسومة على الأقل في الجزء الجنوبي منها.

ورأى نورالدين، ان ما جرى في اليومين الماضيين ينهي المفاوضات التي تجريها «إسرائيل» مع جميع الأطراف المعنية عدا الطرف الفلسطيني، بشأن قطاع غزة، لكنه وبخلاف السيناريو اللبناني لا يقفل المفاوضات بشأن الضفة الغربية بل يعيد فتحها من جديد، ويحيي دور المفاوض الفلسطيني الذي سعى شارون إلى تصفيته وإخراجه نهائيا من قاعات التفاوض طوال السنوات الثلاث الماضية. مرجحا أن تكون عودة المفاوض الفلسطيني أحد أبرز الإنجازات الفلسطينية التي حققتها عمليتا حي الزيتون ورفح، التي لن يكون من السهل الاحتفاظ بها، إذا ما تبين ان شارون، يسير بسرعة نحو الخروج من الحكم، ولن يكون هو رئيس الوزراء الذي يتولى الإشراف على عملية الانسحاب من قطاع غزة. وختم معتبرا ان ما يجري هو مجرد مقدمات لأول تعديل جوهري في خريطة فلسطين منذ أكثر من ثلاثين عاما

العدد 620 - الإثنين 17 مايو 2004م الموافق 27 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً