رأى المرجع الديني السيدمحمدحسين فضل الله، أن الأسلوب الأميركي في إدارة الأمور في المنطقة ساهم في إبراز صورة أميركا كدولة راعية للإرهاب وداعمة له، مشيرا إلى أن الإرهاب المعاصر ولد من الرحم الأميركي وتغذى من البيئة السياسية الأميركية.
وأكد أن أميركا تمارس الإرهاب الإعلامي على أكثر من قناة فضائية عربية وأن تعذيب السجناء بات ذهنية أميركية تشبه الذهنية النازية التي يبرع الإسرائيليون في تقليدها، مشيرا إلى أن التقرير الأميركي السنوي عن الإرهاب فاقد للصدقية تماما كما تفقد الإدارة الأميركية صدقيتها الدولية والعالمية.
وعندما سئل في ندوته الأسبوعية عن التقرير السنوي الأميركي الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية عن «أنماط الإرهاب الدولي»، أجاب: «لعلّ من أبرز أساليب الإرهاب السياسي ومن أكثر نماذجه وضوحا في واقعنا المعاصر هو ما يتمثل في التقرير الأميركي السنوي عما يسمى «أنماط الإرهاب» الدولي، ذلك أن هذا التقرير الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية لتحاول أن تبرز فيه جملة من الوقائع بطريقة تقريرية تصب مباشرة في خدمة المصالح العليا والأهداف السياسية الكبرى التي ترسمها الإدارة الأميركية تحوّل إلى سيف مسلّط على رقاب الدول التي تسلك خط الرفض والممانعة لهذه الإدارة وخصوصا تلك التي لا تزال تتبنى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني كسورية وإيران، في الوقت الذي تعمل أميركا على إسقاط هذه الحقوق التي تمظهرت في قرارات الأمم المتحدة أو في الحقائق الثابتة والراسخة في تاريخ المنطقة وحاضرها.
وأضاف: «وإذا كانت التقارير الأميركية السابقة تركز على سورية وإيران لدفعهما للتخلي عن مواقفهما في الشأن الفلسطيني، فإن للتقرير الصادر قبل أيام أهداف أخرى تتمحور في السعي الأميركي لدفعهما إلى الانخراط في اللعبة الأميركية في العراق على أساس توفير الأجواء الملائمة للاحتلال هناك لكي يستمر لسنوات وللاعتراف بهذا الاحتلال وما يصدر عنه من تصرفات وما يقرّه من مشروعات. هذا في الوقت الذي تعمل أميركا فيه للتدخل في الشئون الداخلية لإيران وتواصل حربها الإعلامية والسياسية ضدها، وتفعل الشيء نفسه مع سورية، وتستعد لفرض عقوبات ضدها من خلال دفع قانون «محاسبة سورية» إلى الواجهة والذي انطلق في الأساس من توصيات يهودية ومن حسابات إسرائيلية تبنّتها إدارة بوش.
وقال: «بيد أن التقرير الأميركي الأخير عن الإرهاب والدول الداعمة له هو تقرير فاقد للصدقية، تماما كما أن الإدارة الأميركية نفسها بدأت تفقد صدقيتها الدولية لتتحول في نظر شعوب المنطقة إلى الإدارة التي تحمي الوحش الإسرائيلي وتمارس إرهاب الدولة بكل أشكاله وأنواعه في العراق، وهي النظرة التي تتشارك فيها هذه الشعوب مع كثير من الشعوب الأوروبية والغربية التي تتابع مسلسل استهداف الأميركيين للمدنيين في العراق واعتداءاتهم على الشخصيات الدينية، وكذلك على النساء والأطفال والشيوخ، إضافة إلى أساليبهم في تعذيب المعتقلين والسجناء والتي لم تخفف من وطأتها التصريحات الأميركية والبريطانية المستنكرة لها لأنها انطلقت بإشراف جنرالات الجيش وبمساعدة الاستخبارات العسكرية الأميركية، ما يوحي بأن المسألة ليست مسألة قلة قليلة من الجيش بل هي سياسة الأجهزة الاستخبارية التي تحدد للجيش الوسائل التي يستخدمها ضد المعتقلين، ما يؤكد أن هذه الأجهزة لا تختلف في الذهنية والتخطيط عن الذهنية النازية التي يبرع الإسرائيليون في تقليدها أيضا وفي استخدامها ضد المعتقلين الفلسطينيين.
وتابع فضل الله: «إن الأسلوب الأميركي في إدارة الأمور في المنطقة والذي عمل على إسقاط قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالموضوع الفلسطيني أو على تفريغها من مضمونها ومحتواها ومن سياقها التاريخي لمصلحة «إسرائيل» كالقرار 149 والقرارين 242 و338 وغيرها من القرارات، إضافة إلى التغطية الكاملة التي قدمتها، ولا تزال، لـ «إسرائيل» لسحق الشعب الفلسطيني وتبريرها الكامل لكل أعمال الإرهاب التي تمارسها «إسرائيل» ضد الشعب الفلسطيني... كل ذلك ساهم في إبراز صورة أميركا كدولة راعية للإرهاب من الدرجة الأولى وكدولة مساعدة على إطالة أمد الاحتلال الإسرائيلي والذي يمثل أعلى درجات الإرهاب، وبالتالي فإن حديثها عن محاربة الإرهاب أصبح يمثل أعلى درجات النفاق السياسي لأنها المسئولة أولا وآخرا عن إرهاب الدولة والتأسيس الفعلي لإرهاب الجماعات في المنطقة والعالم.
كلاهما ضد الشعب العراقي
وأردف: «إن أميركا الإدارة هي المغذي الأساسي لمختلف أنواع الإرهاب، وهي التي جعلت الإرهاب ينمو بشكل طبيعي في رحمها السياسي وفي البيئة العدوانية التي أنتجتها في المنطقة والعالم، وهي التي دعمت بعض الجماعات وشجعتها لتسلك طريقا دمويا متطرفا وجعلت منها وسيلة من وسائل الضغط على أكثر من نظام قبل أن تنقلب هذه الجماعات التي نمت في البيئة السياسية الأميركية عليها، وتسلك السبيل الأميركي نفسه في استسهال قتل المدنيين وصولا إلى أهدافها في التغيير أو في إطار سعيها لطرد أميركا من المنطقة كما تقول.
وخلص فضل الله إلى القول: «وإذا كان التقرير السنوي الأميركي عن الإرهاب قد رفع اسم العراق كدولة إرهابية أو راعية للإرهاب، فإن الساحة العراقية تحولت إلى ساحة أولى للإرهاب الدولي الذي تقتل أميركا فيه كل من يعارض سياستها وتغير بالطائرات على الأهداف المدنية فيها، كما يقتل الآخرون المدنيين بدم بارد، ما يوحي بأن نموذج الديمقراطية الذي وعد به بوش في العراق هو هذا النموذج الذي يسبح فيه الشعب العراقي بدمه وتستباح فيه الأرواح وتدمر فيه البيوت والمواقع الدينية بفعل سياسة الإدارة غير المقنعة للشعب الأميركي نفسه، فكيف تحاول أن تقنع شعوب العالم بذلك».
وختم بقوله: «إن صورة أميركا في العالم هي صورة الدولة الراعية للإرهاب والداعمة له والمستبيحة لدماء المدنيين والمنتهكة للقوانين الدولية في تعذيب المعتقلين والساعية لإسقاط قواعد القانون الدولي والعاملة لاسقاط أكثر من وسيلة اعلامية بأساليب الإرهاب الإعلامي والسياسي كما تفعل مع قناتي «الجزيرة» و«العربية» الفضائيتين في هذه الأيام. ولذلك فإن كل محاولاتها لتلميع صورتها في العالم العربي والإسلامي عبر قنوات فضائية تستحدثها ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة هي محاولات فاشلة، لأن كل هذا الإعلام لن يستطيع أن يغير الصورة البشعة للإدارة الأميركية أو أن يمحو صور إرهابها من ذاكرة الشعوب العربية والإسلامية وكل الشعوب الرافضة للإرهاب في العالم»
إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"العدد 613 - الإثنين 10 مايو 2004م الموافق 20 ربيع الاول 1425هـ