بعد الانفراج السياسي في البلاد، أطلت علينا رؤوس الصعاليك وأبطال الكارتون، وأصحاب أحلام تبوّء الكراسي الرفيعة، وعلى رغم هزيمتهم في الانتخابات البلدية أو النيابية؛ فإنهم مازالوا (يسيحون) في الأرض ترويجا لشخصياتهم، محاولين رسم صورة بطولية لكيانهم، على شاكلة (المستر) باطل زميل غوار أو شخصية بوعلي المعروف (بعنترياته).
أما عن أساليب هؤلاء فلا تسل، فمنها الترويج بأنهم يواجهون تهديدات، وأنهم مستعدون للتضحية في سبيل الوطن والمواطنين، ولن يكون آخر تلك (القفشات) ترويج رواية محاولة إحراق محلاتهم أو تهديدهم عن طريق المكالمات التلفونية، إذ قام أحدهم برفع الكرة وتلقفها الآخر بالكبس على طريقة لاعبي الكرة الطائرة، مستغفلين بهذا العمل الجمهور البحريني عموما والمحرقي خصوصا. وكأن الناس لا يعرفون حقيقة ما يقومون به خلف الكواليس! حتى علق أحد المراقبين على ذلك بقوله: هؤلاء بالاضافة (للشو، SHOW ) والمظهر وتحسين المنظر، فإنهم ينتظرون الخمسة آلاف دينار، التي تدفعها الدولة عن المتضرر في مثل تلك الحوادث.
ويتناسى الأخوان (بوعلي وباطل) أن وعي الشعب البحريني والحكم أعمق من أن تنطلي عليه مثل تلك الدعايات والتلاعب بالمانشيتات، ثم ماذا يضر أصحاب العريضة الدستورية أن يغلق فلان في وجوههم مجلسه، وكأن هذا المجلس يؤمه الآلاف من أهل البحرين؟
إن نمو هذه الطفيليات، التي تتعيش على رصيد أبناء الوطن الغيورين، لا ينبغي للمثقفين أن يغضوا الطرف عنه، بل يجب التحذير من هذا الشحن الذي يمارسه هؤلاء بدلا من السكوت عنهم، إذ إن وباءهم بدأ ينتشر بين صفوف الشباب الذين لاوعي سياسي لغالبيتهم بما يقوم به هؤلاء، بل قد ينغمسون بسبب اللاوعي هذا، في مساعدة هؤلاء راسمين في مخيلتهم أنهم سياسيون كبار ويواجهون إرهابا طائفيا، وهكذا يتم ترويج وعي زائف في صفوف الشباب لكي يتخندق شباب كل طائفة ضد الأخرى، وكأن ما يحدث من تخريب متعمد في المساجد ودور العبادة لا يكفي، وكان آثار وتداعيات صعود التيار المتشدد من الطائفتين لا يكفي، وكأن قيام الجمعيات السياسية على أسس طائفية لا يكفي، وكأن وجود الفتاوى التراثية الإقصائية لدى الطائفتين لا يكفي، وكأن المحيط الدولي من أفغانستان وباكستان وإيران وما يتطاير، من العراق، من شرارات طائفية لا يكفي!
إن الوعي بخطورة المرحلة وتعقيداتها على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي يتطلب عملا صادقا دؤوبا من عقلاء الطائفتين، فالعمل بصدق وبنيَّة سليمة على أرض الواقع الوطني هو السبيل لحلحلة قضايا شائكة ومصيرية، وليس ما يقوم به هؤلاء أصحاب الزعامات الكارتونية والشخصيات الكاريكاتورية، الذين يتصورون أن العمل السياسي، والثقافة الوطنية بمثابة مهرجان غنائي أو مسيرة رياضية، يساق فيها الجمهور ويرقص طربا لهذا الفريق أو ذاك.
وكم كنت أتمنى حضور الأخوين (باطل وبوعلي) مجلس وليد المرباطي بالمحرق، حيث تلك الأمسية الوطنية الرائعة، ليلة الأربعاء الماضي، ليتعلما درسا في الوطنية، من المنتدين والحضور المحرقيين، الذين يعملون على إشاعة العدالة الاجتماعية بين المواطنين البحرينيين سنة وشيعة
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 608 - الأربعاء 05 مايو 2004م الموافق 15 ربيع الاول 1425هـ
