الإعلان عن خطط لإنشاء مصرف إسلامي دولي قوي قادر على منافسة المصارف الدولية الأخرى في مجال التمويل هو قرار صائب ويجب أن يتحقق لما له من انعكاسات إيجابية على المستويات السياسية والمالية والاقتصادية إذا عرفنا أن التحكم في مصير الدول يأتي في المرتبة الأولى عن طريق الحاجة إلى تمويل التجارة لبلد ما وهذه هي الطريقة التي يتم بها التحكم في موارده وخيراته وأهله فالحرب الاقتصادية التي تقوم بها الدول الكبرى ضد الدول الصغيرة والفقيرة هي أكثر فعالية من آلة الحرب العسكرية التي تملكها ومعظم الحروب تقع بسبب ظروف اقتصادية أو التحكم في اقتصاد بلد ما وما يجري الآن في العراق هو مثال حي على طمع الدول الكبرى في السيطرة على مقدرات ذلك البلد العربي.
غير أن خطوة إنشاء المصرف يجب أن تلازمها خطوات أخرى لدمج المصارف الإسلامية الصغيرة العاملة في المنطقة (وما أكثرها في الدول العربية) ودمجها في المصرف لتكوين مصرف إسلامي ذي قاعدة واسعة ومحكمة للقيام بنشاطات التمويل المطلوبة التي تحتاجها المنطقة لتمويل مشروعات إنمائية تتكلف مليارات الدولارات ولكي نسمو بالعمل المصرفي الإسلامي ونطوره في جميع الدول الإسلامية.
أما إنشاء كيانات أو وحدات مصرفية إسلامية صغيرة في وقت يتم فيه تشكيل مصارف وشركات غربية قوية غير مقبول وخير فعل بنك البحرين الوطني في عدم المضي قدما حتى الآن في إنشاء وحدة مصرفية إسلامية كان يخطط لها والتي يبدو أن دراسة الجدوى أتت ضد إقامتها.
كما أن قرار إنشاء المصرف الدولي في البحرين لهو دلالة على قوة المركز المالي للمملكة ويأتي في وقت تحتاج فيه المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية إلى دعم قوي من المصارف المركزية بعد الهجمة التي تعرضت لها هذه المصارف من بعض الحكومات الغربية ومحاولة إلصاق تهمة الإرهاب بها، وأعتقد أن البحرين قادرة على حماية وصون مقدرات هذه المصارف بسبب الخبرة التي اكتسبتها طوال 28 عاما الماضية في هذا المجال.
ومع ذلك لا يجب أن نستهين بالتحديات التي قد تقف ضد إنشاء هذا المصرف الدولي سواء كانت إقليميا أو دوليا لما له من تأثيرات قد تكون سلبية على مصالح بعض المصارف الغربية الموجودة في المنطقة. وإذا عرفنا أن بنك التنمية الإسلامي الذي استمر من دون كلل في تمويل التجارة بين الدول الإسلامية ومشروعات التنمية الأخرى منذ العام 1976 سيكون في مقدمة المصارف التي ستشارك فيه بحصص متفاوتة فسيشق المصرف طريقه إلى النجاح لما يمتلك بنك التنمية من كوادر مؤهلة لقيادة مثل هذا الصرح المالي العظيم
العدد 605 - الأحد 02 مايو 2004م الموافق 12 ربيع الاول 1425هـ