تعرضت عضوة مجلس الحكم العراقي الانتقالي صون كول جابوك لانتقادات لاذعة من قبل أعضاء المجلس بسبب تصريحاتها الأخيرة أثناء ندوة عقدتها في بيروت فضحت فيها ما يجري من نهب للثروات العراقية من قبل أشخاص يمثلون «الانتقالي» ولا سلطة عليهم. وأثارت هذه الانتقادات حالا من التوتر بين الأعضاء، إذ اعتبرها البعض إساءة لسمعة المجلس وتشكيكا في نزاهة أعضائه ووسيلة تخدم أعداء العراق المتربصين به، في حين اعتبرها آخرون قضية مفضوحة أصلا تتحدث فيها الصحف ووسائل الإعلام المختلفة. وكانت جابوك قد أعادت تصريحاتها هذه أثناء مقابلة تلفزيونية مع احدى الفضائيات العربية، وقالت فيها «إن الانتقالي لم يهتم بتعمير شارع أو بناء معمل أو صيانة حقوق، واننا لا نستطيع مساءلة وزير عيّناهُ نحن عما يجري من اختراقات مالية في وزارته ولا نعرف شيئا عن الأشخاص الذين يمثلون فئة من الناس وذوي ارتباط بالانتقالي بينما يقومون بنهب الثروات عن طريق العقارات والصيانة والتجهيز وغيرها من الأعمال التي تدخل أصلا في عملية البناء الدائمة والصحيحة للمنشآت والمدارس العراقية».
واتهم بعص الأعضاء جابوك بأنها تعمدت هذه التصريحات بسبب عدم تعيينها وزيرة للدفاع بعد أن بُلّغت بترشيحها لهذا المنصب، إذ ان المجلس والحاكم المدني الأميركي استبدلاها بعلي عبدالأمير علاوي (ابن أخت أحمد الجلبي وابن عم اياد علاوي)، وكذلك ما يجري في السر من محاولة لتعيين الحكومة الجديدة طبقا للارتباطات. بيد أن السيدة جابوك هددت أعضاء المجلس بكشف المزيد من صفقات الفساد التي عقدوها سرا مع الشركات الوهمية إضافة إلى عمليات السرقة والتهريب وخصوصا الصفقة التي بلغت 12 مليون دولار والتي هربت إلى الأردن ومن ثم إلى بيروت بواسطة طائرة خاصة احتجزتها السلطات اللبنانية ووضعت أيديها على المبلغ، وكانت قد خرجت من العراق من دون علم أكثرية الانتقالي. من جهة أخرى انفجر الصراع بين أحمد الجلبي وعدنان الباجه جي على خلفية تشكيل الحكومة الجديدة والمنافسة على مركز رئيس الوزراء المقبل، إذ يتهم أنصار الجلبي بتوجيه منه عدنان الباجه جي بالتنسيق مع الحاكم المدني بول بريمر والأخضر الإبراهيمي لتشكيل حكومة «تكنوقراطية» يطمح لرئاستها هو ويستبعد منها 15 عضوا من الأعضاء الـ 25 الذين يشكلون الانتقالي حاليا وفي مقدمتهم أحمد الجلبي.
وفي يوم الاثنين الماضي كتب أحد مساعدي الجلبي مقالا في صحيفة «المؤتمر» الناطقة باسم المؤتمر الوطني العراقي الذي يقوده الجلبي هاجم فيه عدنان الباجه جي متهما اياه بالدكتاتورية والتعاون مع أميركا وأنه مصاب بالرهاب، ويحاول استبعاد أعضاء مجلس الحكم من المشاركة في الحكومة المقبلة.
وكان الباجه جي قد هاجم أولئك الأشخاص الذين يريدون عرقلة جهود ممثل الأمم المتحدة في العراق الأخضر الإبراهيمي لتشكيل الحكومة الجديدة بعد أن أدركوا أن الإبراهيمي يسعى إلى حل مجلس الحكم واختيار وزراء من الشريحة «التكنوقراطية» في الوزارة الجديدة.
وفي ضوء تصريحات الباجه جي هذه شن الجلبي حملة إعلامية ضد الإبراهيمي بدأها في محطة التلفزيون الأميركية المحافظة «فوكس نيوز»، قال فيها «إن الإبراهيمي رجل جزائري يؤمن بالقومية العربية، وهو عنصر مثير للجدل في العراق وليس عامل توحيد بل تفرقة».
وكرر الجلبي اتهاماته هذه في وسائل الإعلام العربية الأخرى وخصوصا فضائية «العربية»، ما صعّد من حال الصراع والتنافس بينه وبين الباجه جي، الذي لاذ بالصمت أخيرا بعد أن أبدى الأعضاء الشيعة في مجلس الحكم عدم ارتياحهم من محاولات الباجه جي لتغليب موقف الإبراهيمي في اختيار أعضاء الحكومة الجديدة على حساب التيار الشيعي ومن دون الاعتراف بمقترحات المرجعية في النجف الأشرف، مشيرين إلى أن هنالك بعدا طائفيا خفيا في هذه التوجهات.
ويعتقد بعض أنصار الباجه جي ان الاعتقاد الذي يحمله الأعضاء الشيعة عن الباجه جي سببه تحريض يثيره الجلبي ضده لأسباب تتعلق بالمنافسة على رئاسة الوزراء للحكومة الجديدة أو بسبب صيغة المجلس الرئاسي المؤلف من ثلاثة أشخاص والذي تفكر في انشائه إدارة بريمر إضافة إلى الحكومة الجديدة، وأن الباجه جي هو أقوى المرشحين لكلا المنصبين رئيس الوزراء أو عضو في مجلس الحكم الرئاسي، في حين تشير التوقعات إلى استبعاد الجلبي من كلا التشكيلتين
العدد 602 - الخميس 29 أبريل 2004م الموافق 09 ربيع الاول 1425هـ