العدد 598 - الأحد 25 أبريل 2004م الموافق 05 ربيع الاول 1425هـ

«أصيلة»... حركة ثقافية تنويرية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مهرجان «أصيلة» الثقافي انتقل إلى البحرين وبدأت آثاره الإيجابية في عدد من الأحياء والقرى الفقيرة بالإضافة إلى البرامج الأخرى في المنامة وغيرها. «أصيلة» هي البلدة (القرية) المغربية الفقيرة التي تحوّلت إلى قبلة للسياح والمثقفين خلال ربع قرن، وأصبحت شوارعها المملوءة بالأوساخ قديما مليئة بالجمال حاليا، وأصبحت جدرانها التي لا يستطيع المرء النظر إليها قديما لوحات فنية لأفضل الرسامين، وتحولت من بلدة مهملة إلى قبلة للزوار والشعراء والمثقفين وملتقى لهم في صيف كل عام.

هذه الحركة الثقافية انتقلت الآن إلى البحرين وبدأت منذ 20 أبريل/ نيسان الجاري الرسومات الجدارية في المنامة والمحرق ومدينة عيسى والجسرة والمالكية، ومن المؤمل أن تمتد إلى أماكن أخرى. الفنانون والرسامون الذين لهم سمعة دولية يداومون كل يوم على الحضور في قرية فقيرة مثل المالكية لتزيين جدرانها ويداومون في قرية أنموذجية مثل الجسرة ليزيدوها جمالا وينشطون في المناطق الأخرى، وهؤلاء ستبقى ذاكرة مناطق البحرين في أذهانهم.

مع استمرار هذا العمل الثقافي، ومع مشاركة العمل الأهلي المنظم بحيث تشارك الفعاليات الخلاقة والمبدعة في دعم الأنشطة، فإن مناطق البحرين ستصبح جميلة، تماما كما تحولت بلدة «أصيلة» المغربية إلى بلدة جميلة وتحول أهلها من الفقر إلى اليسر.

وهكذا ندخل في مشروع آخر ومن نوع آخر؛ فقبل فترة كانت الأنظار تتجه إلى سباق «الفورمولا 1»، والآن بدأ الناس يشعرون بأن هناك مشروعات أخرى لتنشيط الحياة من خلال الفن والثقافة. الأمر الجميل أن هذا المشروع يشرف عليه الديوان الملكي مباشرة وليس وزارة الإعلام، وهذا في حد ذاته إشارة واضحة إلى الأهمية التي يوليها جلالة الملك شخصيا لإنجاح المشروع.

«أصيلة» لها أبعاد ثقافية وتاريخية واقتصادية؛ فهي أول «بلدة» استولى عليها البرتغاليون في العام 1471م عندما بدأت أوروبا تنتصر على العالم الإسلامي وتغزوه. وكانت البرتغال آنذاك أقوى الدول الأوروبية ووصلت بغزوها إلى الخليج واحتلت البحرين في العام 1521م. بين احتلال «أصيلة» واحتلال البحرين خمسون عاما (قبل خمسة قرون)، وبين انتقال مفهوم «أصيلة» الثقافي من المغرب إلى البحرين ستة وعشرون عاما. ولو قدر لك زيارة القرية المغربية (الفقيرة سابقا) في أيام الموسم فإنك لن تجد مكانا للسير لأنها مزدحمة جدا بكل الفرق والنشاطات والثقافات من أوروبا والبلاد العربية وإيران وأميركا وغيرها من البلدان.

«أصيلة» بدأها وزير الخارجية المغربي الحالي محمد بن عيسى في العام 1978، وهو من هذه القرية الفقيرة، فابتكر فكرة المهرجان الذي حوّل قريته إلى متحف ثقافي عالمي تضاف إليه سنويا جميع أنواع النحت والرسومات واللوحات، كما تقام فيه مؤتمرات اقتصادية وسياسية وثقافية وفنية، بحيث زار هذه القرية ومشى في أزقتها الأدباء والمفكرون المعروفون عربيا وإسلاميا ودوليا.

في البحرين فَهِمَ شباب السنابس الموضوع قبل غيرهم، وهذا ليس غريبا على أهل السنابس، وباشروا في إعداد مهرجان مشابه لأصيلة، ولكنهم أجّلوه من 24 أبريل/ نيسان إلى 10 مايو/ أيار، وهذه مبادرة تحسب لأهل السنابس الذين يستطيعون الانطلاق في أعمال ثقافية وفنية تحوّل بلدتهم من وضعها الحالي إلى متحف جميل برسومات جميلة وفن متطور، وفي ذلك خيرٌ لهم قبل أن يكون لغيرهم. وأملنا أن تستوعب المناطق الأخرى المفهوم، وتستلهم من «أصيلة» الأفكار المبتكرة والأصيلة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 598 - الأحد 25 أبريل 2004م الموافق 05 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً