العدد 597 - السبت 24 أبريل 2004م الموافق 04 ربيع الاول 1425هـ

بوش والملف الإيراني

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

بعد هدوء نسبي دام قرابة الشهر عادت واشنطن إلى إثارة غبار الملف النووي الإيراني مجددا. فالكلام الذي صدر عن الرئيس الأميركي ركز على نقطتين، الأولى: ان البرنامج الإيراني يزعزع الاستقرار في منطقة «الشرق الأوسط». والثانية: انه يشكل خطرا على أمن «إسرائيل». النقطة الثانية هي الأهم لأنها الأوضح في كلام جورج بوش بينما الأولى غامضة وتثير شبهات لأنها ربما قيلت لتغطية الهدف الحقيقي وهي حرص أميركا على أمن «إسرائيل» وانها الدولة الوحيدة التي يحق لها امتلاك هذا السلاح أو هذا القطاع من إنتاج الطاقة.

الكلام الأميركي جاء ردا أو على الأقل في توقيت حمل أكثر من تطور، الأول: الافراج عن العالم الإسرائيلي النووي موردخاي فعنونو بعد 18 سنة في السجن ومطالبته بمراقبة البرنامج الإسرائيلي وحثه محمد البرادعي على إرسال بعثة تفتيش من قبل وكالة الطاقة الذرية لتقصي الحقائق في مفاعل «ديمونا» الذي يشكل المصدر الحقيقي للخطر على منطقة «الشرق الأوسط».

والتطور الثاني: هو الكلام الصادر عن أكثر من جهة دولية وأوروبية تفيد عن مرونة في الموقف الإيراني واستعداد طهران للكشف عن كل الأوراق المتعلقة بذاك الملف.

والتطور الثالث له صلة بالكلام الذي صدر عن الرئيس الإيراني محمد خاتمي يطلب فيه من واشنطن التفكير مليا في الانسحاب من العراق، بالاشارة إلى أن إيران ليست سهلة كالعراق ومن الصعب ابتلاعها أو السيطرة عليها كما حصل مع غيرها.

كلام بوش التصعيدي ترافق مع خطوة أخرى وهي التمديد لفترة رفع الحظر على بعض المواد في التجارة مع إيران، وهذا يعني أن هناك شركات أميركية ضغطت على إدارة البيت الأبيض وطلبت منها تمديد فترة رفع الحظر نظرا إلى استفادتها من السوق الإيرانية الضخمة والغنية.

وبعيدا عن التباسات الموقف الأميركي وتداخله مع المصالح الإسرائيلية ومخاوف تل أبيب واستخدامها لهواجس واشنطن لتحقيق أغراض خاصة، فإن الموقف الإيراني حافظ على ثوابته التي يمكن تلخيصها في نقاط ثلاث: الاستعداد للحوار ومتابعة البحث مع الوكالة الدولية، وحق طهران في امتلاك قوة دفاعية لمواجهة التهديد الإسرائيلي والمخاطر الناجمة عن توسع تل أبيب في تطوير هذا السلاح، وأخيرا حاجة إيران الحقيقية لإنتاج الطاقة السلمية لتحقيق التوازن بين نمو سوقها الداخلية وضرورة البحث عن مصادر أخرى للطاقة غير الغاز والنفط.

إيران كما هو معروف تستهلك يوميا أكثر من 1,24 مليون برميل وهذا يتطلب منها زيادة في إنتاج النفط والغاز لتلبية طلبات التصدير والسوق الداخلية. وبسبب نمو الطبقة الوسطى في العقود الأخيرة ارتفع معدل الاستهلاك المحلي وزاد منذ 1997 بنسبة 26,7 في المئة الأمر الذي ضغط على الواردات وميزان المدفوعات وهذا ما يجعل الدولة في حاجة ماسة إلى النقد الأجنبي من دون التفريط في الثروات الطبيعية.

وحتى تحقق إيران توازنها بين الإنتاج والاستهلاك فهي تحتاج، كما يبدو، إلى اعتماد ثلاث وسائل، الأولى: التخفيف من الاعتماد على قطاعي النفط والغاز للمحافظة على الاحتياطات الطبيعية ولتلبية الكثير من الضغوط المتعلقة بنمو طبقتها الوسطى. والثانية: تشجيع الاستثمارات الخارجية في قطاعي النفط والغاز لرفع تقدير الاحتياطات الإيرانية ومساعدتها في تطوير الأدوات لاستخراج الثروات الطبيعية. والثالثة: البحث عن بدائل للطاقة تعتمد على تطوير برنامجها النووي السلمي لتخفيف الضغط على القطاع النفطي وتلبية حاجات الطبقة الوسطى التي تتنامى يوميا حاجاتها للاستهلاك.

حاجة إيران إلى الطاقة النووية السلمية ضرورة حيوية لضمان توازن اقتصادها ونموه من دون اضطراب في المستقبل. وهذه المسألة على أهميتها الاقتصادية تنظر إليها واشنطن من زاوية أمنية وفي إطار التصور الإسرائيلي لمنطق الاستقرار.

وهذه مشكلة لها علاقة بالاستراتيجية الأميركية وبعيدة كليا عما أسماه بوش قلق واشنطن من البرنامج الإيراني على استقرار «الشرق الأوسط»

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 597 - السبت 24 أبريل 2004م الموافق 04 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً