وأخيرا استخدمت الحكومة المادة 45 في الوقت الحرج جدا بالنسبة للنواب، وهو حق لها ما لم يتم الطعن المباشر في قانون مجلسي الشورى والنواب من قبل مجلس النواب، ليبقى السؤال الذي طالما تردد عن عدم استخدام السلطة لهذه المادة من دون إجابة قد حصل على إجابة وافية وكافية، وتدل على خبرة سياسية في آلية تعاطي السلطة مع مجريات الواقع السياسي.
السلطة استطاعت تأجيل الاستجواب لمرات عدة، كما أنها أجرت مفاوضات مع بعض كتل مجلس النواب بهدف سحب الاستجواب، وكانت اللاعب الوحيد في تمرير تعديلات على قانوني التقاعد والتأمينات، وهي من عوّض أراضي التأمينات والتقاعد بأراضٍ من الدولة، فيما أصبح ملف الاستثمارات الخاسرة أمرا مسكوتا عنه، وختاما فإن السلطة أثبتت أنها لن تسمح باستجواب الوزراء وطرح الثقة فيهم كما كانت التوقعات، فيما تشبث النواب بقشة الاستجواب فقط، وفي أسوأ الحالات أملوا في تغيير وزاري لن يكون وفق هواهم، ولا وفق مقتضيات ملف التأمينات والتقاعد، وأمام الاستنزاف الذي مارسته السلطة تجاه مجلس النواب، وتضعضع الكثير من الكتل النيابية، فلن يكون إلا ما أرادته السلطة، وخصوصا بعد الطعن القاتل في شرعية الاستجواب.
هناك خياران أمام مجلس النواب، إما الطعن في المادة 45، ويقينا سيكون الطعن متأخرا جدا بعد النداءات التي وجهت لمجلس النواب منذ بداية فتح ملف التأمينات والتقاعد بضرورة الطعن، ولكن النواب أصروا على أنهم قادرون على إدارة اللعبة والخروج بتسويات، ولم يجيدوا حتى الآن إدارة اللعبة كما ينبغي. أما الخيار الثاني وهو الأسلم، فأن يجلس النواب مجتمعين مع أنفسهم، لتقييم حصاد استجواباتهم، وخصوصا ما أقدمت عليه السلطة من إجراءات وتعديلات، ليخرجوا للناس بنتيجة واضحة، فوضع التأمينات والتقاعد لا يحتمل التسويف والتأخير ولا لعب أدوار بطولية، لأنه متعلق بمستقل الأجيال
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 588 - الخميس 15 أبريل 2004م الموافق 24 صفر 1425هـ