يبدو أن النواب يمضون قدما في استجواب الوزراء على حساب إصلاح الخلل الذي من أجله حصل الاستجواب، والأخطر من ذلك أن الاستجواب في حد ذاته أصبح فرصة لإثبات الوجود، في قبال انتفائه هكذا وعدم قدرة النواب على المضي فيه بمجرد تغيير وزاري، حتى لو كان التغيير مجرد تدوير حقائب بحسب ما أشار النائب فريد غازي.
الحكومة بهذه الطريقة قادرة على تفادي فتح ملفات التجاوزات والفساد المالي والإداري، فالتعامل مع التجاوز ينطلق في الدائرة الشخصية، وليس بصفته خللا في أداء حكومة متضامنة ومركزية، وهذا يفسر - بكل أسف - تغاضي النواب عن الطعن في المادة 45، وتجاهل الحكومة لاستخدامها ضد النواب، لأن الحل تتكفله اللائحة الداخلية التي لم تسترجع بعد، فهل يمكن للنواب المضي قدما في استجواب الوزراء الثلاثة في ملف التأمينات والتقاعد، والرهان عليه بعد نية الحكومة تدوير حقائبها الوزارية؟
إن ما أشار إليه أحدهم من أن الحكومة لن تسمح لمجلس النواب طرح الثقة في وزرائها الثلاثة خوفا من تكرار التجربة في وزير آخر، قد تحقق فعلا وفق ما تنص عليه اللائحة الداخلية، لا وفق الفعل السياسي والتجاذب بين السلطة التنفيذية ومجلس النواب، وبعد مناورات لا نعلم لم كانت ولم ستستمر؟
هل سيظل التغيير الوزاري وتبديل الحقائب الوزارية هو المنجى والمخرج من أي نوع من أنواع المحاسبة؟ وهل سيسعد أي طرف - سواء كان في الحكومة أو المعارضة - أن يتم «ابتلاع» التجاوزات كما يتم ابتلاع الموسى، و«تصفير» العداد ليبدأ العد من جديد حتى إذا بلغ مداه أتى التغيير الوزاري ليعيده إلى الصفر من جديد وعفا الله والوطن عما سلف؟ صحيح أن تغيير الحقائب، و استقالة الحكومة تعفي الوزير من المساءلة، ولكن هل تعيد ما تم خسرانه؟
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 586 - الثلثاء 13 أبريل 2004م الموافق 22 صفر 1425هـ