هناك خلل حاصل في آليات الحوار في الساحة السياسية البحرينية، على مستوى المعارضة والسلطة، والمعارضة فيما بينها، وفي دائرة البيت الواحد، والخلل مكمنه انتقاء أطراف معينة للحوار معها، وتجاهل قطاع كبير من الأطراف الفاعلة في الساحة بدعوى التشدد في المواقف والآراء، وهذا خطأ كبير، على غرار خطأ الأميركان في عدم التعامل مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وإصرارهم على اختيار من هم أقل منه تمثيلا وحضورا في الساحة الفلسطينية، مع الفارق في الظرف الموضوعي والشخوص وأهداف العملية السياسية. الجانب الأهم هو عدم قدرة أي طرف مهما كان قويا ومتمكنا على تحييد طرف آخر يمتلك تمثيلا وحضورا قويا في الساحة، وجعله على هامش الحدث السياسي، إلا إذا كان الهدف اختراق الموقف السياسي العام، وفي هذه الحال، سيواجه هذا الاختراق بحائط صد آخر، وهو الجدار الشعبي، المتعدد في مصادر فعله، والمعقد في آلية تعامله والتعامل معه. تبقى ضرورة الاعتراف بما أكده رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان في خطبة الجمعة الأخيرة: أن المعارضة وفق معطيات التشدد والاعتدال في البلدان التي تشهد حوادث دامية كأفغانستان مثلا «كلها حمائم»، والفارق هو الاختلاف في التكتيكات وآليات العمل، أما النهج السلمي، فهو أمر متفق عليه، لأنه مصدر القوة الوحيد للمعارضة مع إتاحة الفرصة له لتحقيق أهدافه، وعدم إعاقته لا شعبيا ولا رسميا. بناء على هذا التوجه، فالرغبة في الحوار يجب أن تشمل كل الطيف السياسي الملتزم بالعمل السلمي، والمختلف في التكتيك والمواقف، ودون ذلك: فالحلول التي تنجم من وراء إقصاء أطراف بعينها هي حلول ناقصة، لا لأنها تقصي فردا، وإنما لأنها تقصي توجها عريضا يمثله هذا الفرد، وهي سبب في تغذية التطرف الفعلي جراء الإقصاء، وبقاء الساحة عرضة للاختراق الدائم وتضارب الأجندة من دون الوصول إلى حل
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 584 - الأحد 11 أبريل 2004م الموافق 20 صفر 1425هـ