تنال قضايا تسريح العمال من أعمالهم تفاعلا اجتماعيا كبيرا لما لها من تأثيرات سلبية إنسانية واجتماعية كبيرة على المسرّحين وعلى عائلاتهم.
وليس هناك من شك في أن تكرار سماع أنباء عن اتجاه الشركات نحو التسريح يثير قلقا على كل المستويات، إذ من الممكن أن تكون له دلالات مختلفة على أن الاقتصاد يمر بحال تباطؤ تجبر الشركات على تقليص النفقات، ومنها النفقات العمالية، وممكن أيضا أن يفهم أن هناك تفضيلا للعامل الأجنبي لكونه أكثر جدوى مهنيا أو ماليا بالنسبة الى قطاع الأعمال الخاص، كما أن التسريح يدرج دائما ضمن سلبيات التخصيص ما يوحي دائما بأن الشركات الحكومية مضطرة الى الالتزام بمن توظفهم وان كان ذلك على حساب الجودة والأداء حتى لا تتعرض لانتقاد مجتمعي.
لكن ما ينبغي أن نلتفت إليه ونتقبله ونبحث عن طرق لتخفيف أثره والتعامل معه بحكمة في مسألة التسريح هو اننا ومهما مارسنا ضغوطا لالزام الشركات وخصوصا تلك التي تمتلك الحكومة حصصا فيها للعدول عن قراراتها «التسريحية»، فإن هذا العدول سيكون مؤقتا لأن هناك عوامل أخرى تضغط على الشركات من جانب ثانٍ ويصل ضغطها الى الايرادات وإذا ما بلغ التهديد مرحلة المساس ببقائها وبخططها التطويرية فستضطر الى استبعاد الجوانب الاجتماعية من اعتبارها.
كذلك تتجه المؤسسات - وفي تطور حديث - في إدارة أعمالها الى الاستفادة من خدمات الاسناد الى جهات خارجية Outsourcing في مجالات متعددة منها ما هو بالغ الأهمية ويتطلب قيام الشركة به ذاتيا مبالغ طائلة، مثل مجال تكنولوجيا المعلومات، ومنها ما هو خدماتي أقل أهمية كالعلاقات العامة، وخدمات الأمن والتنظيف وغيرها، وهذا يعنى أنها لابد أن تستغني عن خدمات العاملين لديها في هذه المجالات لتتفرغ الى تنمية نشاطاتها الرئيسية.
المؤسسات تعمل في عالم سريع ودائم التغير، وهي تبحث دائما عن الأفضل والأحدث والأقل كلفة، لأنها في النهاية تبحث عن تعظيم ايراداتها لضمان استمراريتها ونموها.
لذلك فمن الصعب الوقوف أمام تيار التطور والتغير، ويؤشر الوضع الى أن المزيد من قرارات التسريح ستتخذ بناء على هذا التيار، وإذ انه من الصعب ومن غير المعقول الزام الشركات والمؤسسات الخاصة بالتزامات مجتمعية وإنسانية خاصة في البيئة التنافسية الحالية، فمن الممكن أن يتم التفكير في توفير سبل لتأمين معيشة المسرّحين ريثما تتوافر فرصة أخرى، كأن يتم التأكد من وجود أنظمة لدى المؤسسات تخضع لمعايير عادلة في التعويضات، أو أن يتم ابتكار منتجات تأمينية ضد التسريح من العمل سواء من قبل شركات التأمين أو من قبل الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية كونها تغطي العاملين في القطاع الخاص
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 578 - الإثنين 05 أبريل 2004م الموافق 14 صفر 1425هـ