العدد 577 - الأحد 04 أبريل 2004م الموافق 13 صفر 1425هـ

هل من المجدي خصخصة قطاع الروبيان؟

وجهة نظر اقتصادية في قرار المنع

عيسى الفرج comments [at] alwasatnews.com

يثير بيان وزارة الداخلية بشأن استعداداتها لتنفيذ حظر المنع المتعلق بالروبيان في القرار رقم 1/2004. بعض التساؤلات المشروعة. فخلال فترة الأربعة شهور المذكورة في القرار (15 مارس/ آذار - 15 يوليو/ تموز 2004) ستستنفر موارد هذه الوزارة السيادية وتنتشر دورياتها البحرية والبرية وبالطيران العمودي؛ ودورياتها الراجلة وعيونها المدربة على المراقبة والتصيد، في مناطق متفرقة من المياه الإقليمية. وعلى مدار الساعة، وعلى مدار ساعات الحركة الاقتصادية في السوق. فالدوريات البحرية والطيران العمودي منوطة بالمياه الإقليمية على مدار الساعة منعا للصيد.

والقوارب السريعة بمكائنها النهمة إلى شفط النفط الممتاز والطرادات العتيدة، منوط بها اقتناص المخالفين. على مدار الساعة وعلى امتداد الشواطئ، منعا للرسو المخالف. أما المخبرون فوق البر وعلى امتداد الشواطئ وفي الأسواق ومجمعات التسويق، «والفرجان» وأماكن أخرى... هؤلاء منوط بهم أن يقبضوا على من يقوم بعمليات البيع والتصدير المخالفة.

وهذا كله جهد خارق يحتاج القيام به إلى أموال ليس مصدرها إلا الموازنة العامة للدولة التي تنوء بما تشهده البلاد هذه الأيام من تغيرات ديمقراطية - من برلمان، ومحافظات، ونيابة عامة، ومجالس بلدية، ومحكمة دستورية، ومجالس رقابية وغيرها من الوكالات الحكومية وكلها مستحدثة. وعلى رغم خلو الموازنة في السابق من هذه النفقات المستحدثة، فإنها كانت تنوء بالمصروفات المتكررة أصلا. ويتساءل المرء والحال هذه إن كان أجدر بالوزارة الكريمة، المنوطة أصلا بحفظ الأمن الداخلي أن توجه نحو مكافحة المخدرات والسرقات مثل هذه الجهود والنفقات التي ليست من صميم الواجبات الحكومية أصلا. إذ يتصور من العرض المتقدم للجهود أن كلفة الحفاظ على الروبيان وهو مورد طبيعي لا يمت بصلة إلى واجبات وزارة الداخلية كا يتصور أن تفوق هذه مصاريف الوزارة على مهمات أخرى هي من صميم عملها مثل مكافحة المخدرات والسرقات، المنظمة وغير المنظمة، التي بتنا لا نقرأ عنها وحسب بل واكتوت بها نسبة منا ليست بالصغيرة بصورة مباشرة من جراء تفشيها. كما أنه قياسا بنسبة وحدات الفائدة إلى وحدات التكلفة، لابد أن كلفة الروبيان على وزارة الداخلية أعلى من اضطلاع الوزارة نفسها بمهماتها الصميمية. لأن مهمة الروبيان موسمية، لا تلبث أن تتوقف مباشرة بعد وصولها أوج كفاءتها التشغيلية، بينما مهامها الأخرى مستمرة بشكل نمطي وروتيني يمكن زيادة كفاءته على مر الزمن. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تمت دراسة جدوى ومراجعة لأهداف وكلفة ومنفعة ومردود الروبيان اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا ومن حيث ترقية مستوى معيشة المواطن في المملكة؟ أم أن الكلفة يجني جل منفعتها قلة قليلة، بينما لو تم توجيه المصاريف نفسها نحو وزارات خدمية مثل التعليم والصحة كان ذلك أجدى في تحقيق مقاصد النفع العام والنماء الاقتصادي المطلوب. وهل جرت مراجعة بعد دراسة الجدوى ولو مرة كل خمس سنوات مثلا للتحقق من استمرار المشروع في توفير القصد من ورائه؟ وهذا مطلب شعبي يصب في مصلحة الشعب بوجه عام، كما يفعل ويشحذ همم ويوفر رفد فرص العمل الجاد والمنتج لجهات علمية جديرة بالرعاية دائما مثل مركز البحرين للدراسات والبحوث - ومن غير أن يكلف ذلك الموازنة العامة كلفة مباشرة. والسؤال نفسه يتسع ليشمل فكرة تخصيص قطاع الروبيان البحريني، محاكاة لتجارب بعض البلدان ذات معدلات النمو السريع مثل الهند وتايلند. فقد آتت هذه الفكرة أكلها هناك. وفي هذه العجالة يكفي أن نورد الملاحظات والتوقعات التالية التي قد حققها خصخصة قطاع الروبيان البحريني:

1- سيتحول شأن الروبيان البحريني من خانة المصروفات المتكررة (التي في أحسن الأحوال تؤتي أكلها على شكل «اللي ينوح واللي ما ينوح») إلى خانة الإيرادات المتكررة في الموازنة العامة - عن طريق فرض الإتاوة والتراخيص السيادية على الشركات المستثمرة.

2- ستجلب رؤوس أموال أجنبية أو تمنع رؤوس أموال أخرى محلية من الهجرة لتستثمر استثمارا مباشرا في قطاع الروبيان البحريني.

3- احتمال تسجيل الشركات المستثمرة في البحرين وأن تصدر هذه أسهمها في البورصة فتتسع مجالات الاستثمار غير المباشر، الأجنبي والمحلي، في سوق الأوراق المالية البحرينية. كما أن استمرار الاستثمار المباشر والمنظور في هذا القطاع وبالشكل المتقدم وصفه سيعكس الصورة الحقيقية للجدوى الاقتصادية، ويضمن استمرار التحديث في أساليب التشغيل.

4- متى قام قطاع اقتصادي مجد على الروبيان، ستكون هناك ثمة بحوث ودراسات علمية يمولها المستثمرون فيخلق ذلك فرص تشكل أو بعث كادر من الباحثين المتخصصين والعاملين المثقفين في سوق العمل المحلية. وهذا كفيل بأن يزيد نسبة العاملين المتعلمين المتخصصين. بدلا من إجبار ابن البلد على أن يحل محل عمال الفري فيزا وسائر أشكال العمالة الرخيصة القائمة على منظومة اقتصادنا الحالي غير المفكر فيه. إذ يطلب ذلك من المواطن أو يرغم هو عليه بأعذار تلبس لبوس ومسحة الدين والدين منها براء، أو يتهم بالترفع عن بعض الوظائف - التي لا تسمن ولا تغني ولا تعلم شاغلها إلا البؤس والعدمية.

5- ستكون البيئة البحرية البحرينية هي أول وأكبر مستفيد من الخصخصة. ففي علم الاقتصاد ومن المسلم به أنه لا يستوي الصياد المالك والصياد الانتهازي. فأولهما أجدر بأن يحافظ على المكان لمصلحته هو نفسه في الموسم المقبل. كما يمكن أن تحمله الدولة تبعة إهماله الجسيم (المسألة فوضى حاليا). وثمة قانون أو شرط من شروط الرخص السيادية، بتحميل المستثمرين لضمان الخطأ الجسيم، يقومان على توجيه الذكر الحكيم: «ولا تعثوا في الأرض مفسدين» (البقرة: 60).

6- سيتمتع البحارة والصيادون الحاليون بوظائف بديلة عن حرفهم الحالية، تدر عليهم معاشات معتبرة وثابتة كموظفين وعمال مهرة واحترافيون يعملون لدى الشركات المستثمرة ويتمتعون بمزايا قانون العمل في القطاع الأهلي والضمان الاجتماعي الذي يكفل إصابات العمل ومعاشات الشيخوخة والوفاة للقصر والمترملات من أهليهم.

7- سيدعم دخول هؤلاء تحت مظلة التأمينات الاجتماعية بمعدلات رواتب تفوق المستويات الحالية وبأعداد عاملين تفوق الأعداد الحالية ويرفد الروافد المتآكلة حاليا بروافد دخل جديدة. ويرجى أن يكون في ذلك دعمين اكتواري وعاجل لهذه الهيئة العامة النهيبة.

8- يتصور أيضا أن يثير القطاع المحتمل اهتمام الجامعات والمعاهد الأكاديمية والمهنية على المدى الطويل فتبدأ هذه بتقديم دراسات ومؤهلات معينة في جانب أو أكثر من العلوم التي ترفد هذا القطاع.

9- كما يتصور نشوء أو ازدهار صناعات تحويلية أخرى قائمة على القطاع - مثل التخزين والتبريد والتعليب والشحن

العدد 577 - الأحد 04 أبريل 2004م الموافق 13 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً