التقيت أحد الثالوث المؤسِّس للصحافة البحرينية في الأمسية الشعرية التي أقامها مركز الشيخ إبراهيم بن محمد الخليفة للثقافة والبحوث، وأحياها الشاعر والدبلوماسي غازي عبدالرحمن القصيبي، فقال علي سيار: أمسية جميلة، أليس كذلك؟ قلت: «رغم أن في شعره كثيرا من العمق ولكن القاءه تقليدي». والثالوث المؤسِّس للصحافة البحرينية طبعا هم المرحومان عبدالله الزايد ومحمود المردي، أما ثالثهم فهو علي سيار (أطال الله في عمره).
الشاعر القصيبي مثلما يعشق البحرين لأنه تربى فيها ومعظم أصدقائه من هذا الوطن الصغير، فإن البحرينيين يعشقونه كذلك. والدليل على ذلك حين أتى الجمهور بكثافة بحيث اضطر جانب منهم إلى أن يصعد للطابق العلوي للمركز، وهذا نادرا ما يحدث مع أديب أو شاعر غيره. على رغم إلقائه التقليدي يحضر الجمهور لغازي القصيبي بشخصه، فهو خفيف الدم إذا علق على شيء ما خلال الأمسية! وهو محبوب من البحرينيين لأنه مزيج من الأدب والفكر والشعر والدبلوماسية. أحيانا تشعر انك أمام مجموعة متناقضات، فتراه أحيانا قوميا متحمسا لشخص ما ثم ينقلب ضده 180 درجة، وحين تسأله عن سبب هذا التناقض الغريب يجيب: لا تناقض إطلاقا.
لقد ولد القصيبي وزيرا وطوال حياته يشغل مجموعة وزارات، فهو رجل المهمات الصعبة إذ تنتدبه حكومته ليرأس الوزارة الغارقة لينتشلها. وعندما انتقل إلى بريطانيا سفيرا لحل بعض المعضلات، أصبح هذه المرة جزءا من المشكلة حين نشر في صحيفة «الحياة» قصيدته المشهورة التي يعتز فيها بالشهداء الفلسطينيين، ما أثار ضجة وخرج منها لتسند إليه وزارة يحتاج صاحبها إلى عزيمة وهمة غير عادية هي وزارة الماء والكهرباء في دولة مترامية الأطراف. المهم أن الناس تذهب لرؤية القصيبي، فهو محبوب إلى قلوب العذارى مثل الرجال حتى أنني أكاد أشبهه بالروائي الإيطالي لويجي براندلو، حين أراد أن يسافر مرة إلى لندن كتبت الصحف البريطانية «خبئوا بناتكم، لا خوفا منه عليهن، بل منهن عليه»
العدد 576 - السبت 03 أبريل 2004م الموافق 12 صفر 1425هـ