1- أنا شخصيا أنظر إلى هذا الكادر الخاص بالأئمة والمؤذنين نظرة تفاؤل وأمل، لما له من مزايا مهمة تعود بالفائدة المادية على شريحة كبيرة من المواطنين هم في أمس الحاجة للمساعدة.
2- التحفظ أو المعارضة التي يبديها بعض أصحاب السماحة والفضيلة هاجسها الخوف من السيطرة الرسمية على المؤسسة الدينية، إذ إن رؤيتهم الشرعية توحي لهم بمغبة المستقبل وعواقب الأمور من وراء هذا الكادر وتستوجب عليهم الحذر، ومن حقهم أن يكونوا كذلك ولكن في اعتقادي المتواضع ان هذا لن يحدث، فالتجارب علمتنا أن دواعي السيطرة لا وجود لها إلا في قاموس الحكام الذين جاءوا على رأس دبابة ومن قنوات تنظيمية حزبية، ولو عدنا الى الوراء وتحديدا الى العراق الذي يشكل ثقلا شيعيا وبه مؤسسات دينية عالية نلاحظ ان العائلة الهاشمية طيلة فترة حكمها العراق لم تتدخل في شئون تلك المؤسسات الدينية، بل تركت لها الحرية والأمان ووفرت لها الحماية اللازمة.
3- يمكن قبول دوافع الخوف لو كانت هناك شروط محددة في نصوص هذا الكادر من شأنها ان تسلب الامام أو القيّم حريته الدينية أو تملي عليه نمطا معينا في أدائه الاعتقادي كالحظر عليه من الاعلان في صلاته بـ (أشهد ان عليا ولي الله) أو منعه من اتخاد التربة الحسينية للسجود عليها على غرار ما هو ممنوع في جميع العالم الاسلامي عدا الجمهورية الاسلامية الايرانية.
4- ابرر هذا الاعتقاد من واقع ماعشناه ونعيشه اليوم وما نلمسه لسنوات طويلة أثبتت احترام المسئولين لخصائص معتقداتنا، فالمآتم هي في واقعها مؤسسات دينية دأبت منذ بداية نشأتها تمارس أداءها بفعالية على مدار السنة في جو من الحرية والأمان ومن دون تدخل من الجهات الرسمية، وكذلك المواكب العزائية هي الاخرى ترعاها الدولة وتحافظ على سلامة سيرها، ومن أجل ذلك تسخّر لها أجهزة الأمن للمحافظة على سلامتها يوما بيوم كلما هلّ شهر المحرم الحرام وعاما بعد عام كلما أطلّت هذه المناسبة الحسينية العظيمة، وأكثر من ذلك أن الدولة تعطي اجازة خاصة بعاشوراء مدتها يومان يتفرغ فيها محبو الامام الحسين عليه السلام ان يعيشوا الاجواء العزائية ويمارسوا بمشاعر فياضة طقوسهم الدينية الروحانية التي تعبر عن حبهم وولائهم لآل البيت عليهم السلام.
5- نعم هناك عدد من المراجع قد افتوا بجواز الاخذ من مخصصات هذا الكادر عن طريق المجلس الأعلى للشئون الاسلامية وإدارة الأوقاف الجعفرية، إذ ليست هناك منّة لاحد على أحد باعتباره حقا من حقوق المواطن وعدم الاخذ أو عدم الاستلام لهذا الحق فيه ضياع وخسارة والمتضررون هم المحتاجون وما أكثرهم.
6- في تقديري ان المستقبل كفيل بتحقيق القناعة لدى الكثير من الناس بقبول التعامل مع هذا الكادر، والتجربة شاهد عيان ودليل قاطع عندي على ذلك، ففي العام 1974م يوم كنا نوابا في المجلس الوطني حركنا هذا الملف طمعا في انصاف ابناء طائفتنا الشيعية ولينالوا حقهم المضيع هدرا والمهمول جهلا أسوة باخوانهم أبناء الطائفة السنية الذين تمتعوا ولسنوات طويلة دون سواهم بهذا الحق، وقد ظهرت يومها مؤشرات التحفظ من البعض على الاستلام، إلا أنها سرعان ما تلاشت وبدا الجميع من أئمة ومؤذنين وطلبة علوم دينية يتسلمون هذا الحق الذي كفله لهم الدستور وحتى يومنا هذا.
7- الانطباع في الحقيقة بدأ يتفاعل بين هنا وهناك حول رفض أو قبول هذا الكادر من خلال تلقي ادارة الاوقاف اتصالات كثيرة وأسئلة متعددة حول رغبة هؤلاء المتصلين الملحة لمعرفة وقت تنفيذ هذا الكادر الذي يعلقون الآمال عليه حين يأتي دور تطبيقه الفعلي ويتوقعون من ورائه ان يحسّن أوضاعهم المعيشية وبالتالي سيكون لهم ولعوائلهم بمثابة الظل الذي يحميهم بما سيوفره من مزايا تأمينية شاملة لهم ولكل منتسبيه حين العجز وبلوغ سن التقاعد
العدد 573 - الأربعاء 31 مارس 2004م الموافق 09 صفر 1425هـ