طرح هذا السؤال في ندوة «لجمعية الجامعيين» في منطقة سترة عن الطموح والابداع ، فتصوَّر البعض أنَّ غرض السؤال كان استهزاء بالآباء!! غير أن القصد كان عكس ذلك تماما. فآباؤنا عاشوا زمن الفقر والضيق والحرمان واضطروا للعمل ليل نهار وعاشوا ظروفا قاسية جدا من أجلنا، وهنا الفخر حقا حين يحرم الإنسان نفسه من كلِّ شي لأجل راحة أبنائه وتعليمهم.
لكنه العار حين نكون نحن جامعيين وأبناؤنا أي شي غير ذلك والأشد عارا حين نفشل في إكمال دراستنا الجامعية ونفشل في مساعدة أبنائنا كذلك على إكمال دراستهم، فتصبح المصيبة مصيبتين حيث لا حققنا آمال آبائنا و لا هيئنا مستقبل أبنائنا، والواقع إذا ظلَّ على ما هو عليه لا ينبئ بخير!!
فبعض الإحصاءات الحديثة تشير الى ان ثلث عدد خريجي الثانوية العامة هم فقط الذين يواصلون الدراسة و انَّ عدد الجامعيين الذكور في تناقص ملحوظ لصالح الإناث اللاتي يفوقونهم بمعدل مرة ونصف وجامعة البحرين مثال على ذلك. ولا يحتاج المرء لكل ذلك و ما عليه الا ان ينظر لما حوله ليستنتج كم هو عدد الجامعيين.
و إذا وجد منهم خريج جامعي يحتل موقعا مناسبا، فكم عليه من الإخوة والاخوات أن يعيل لأنهم لم يكملوا دراستهم وأصبحوا إما عاطلين أو يعملون براتب مئة دينار لا يغني و لا يسمن من جوع، و يجر خلفه مشاكل الديون والفواتير و الإسكان.!! وليس في هذا الكلام تهويل ولا مبالغة لكنها حقيقة موجعة مؤلمة تراها في معظم البيوت وفي كلِّ القرى.
وفي حلقة نقاشية عن الطموح والابداع اشار بعض المدرسين بحسرة الى فئات ثلاث من خريجي الثانوية العامة، الاولى تتخرج وليس في عقلها من طموح إلا أن تحصل على عمل، أي عمل يريحها من همِّ الدراسة و يوفِّر لها لقمة العيش. اما الثانية فتتخرج متقدمة قليلا فتطمح في شهادة تحصل بعدها على عمل براتب أفضل وكفى الله المتعلمين شر القتال. أما الاخيرة وهي القلة القليلة التي تتخرج وفي عقلها شغف للعلم ووعي بالمسئولية واستعداد لمواصلة الدراسة.
وهنا ادق ناقوس الخطر، فإذا كانت الغالبية العظمى من شبابنا من الصنف الأول أو الثاني حيث العمل ليل نهار من أجل لقمة العيش. فهذا لعمري هو التهديد الاستراتيجي للأسرة والامة حين تصبح هذا الأمة بعد 10 سنوات أو أكثر لا تملك من شبابها إلا أنصاف المتعلمين والعاطلين والهمج الرعاع.
فهل سيكون حقا لهذه الأمة مستقبل؟ ومن المسئول عن انتشار حالة الإحباط واليأس بين الشباب؟
لاشك انها مسئولية الدولة لانها هي التي تضع السياسة التعليمية وعليها أن تتحمل المساءلة في النتائج. ولكن هي ايضا مسئولية الجامعيين والمثقفين، وفوقهم الاسرة. فهل من مجيب؟
إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل خليل"العدد 564 - الإثنين 22 مارس 2004م الموافق 30 محرم 1425هـ