استبشرنا خيرا بالتصريحات الصحافية المتعاقبة لأركان وزارة العمل والشئون الاجتماعية بقرب إشهار الاتحاد النسائي البحريني وعدم وجود أية ملاحظات أو موانع قانونية لدى الوزارة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإشهاره. وفعلا أوفت الوزارة بوعودها وأرسلت إلى اللجنة التحضيرية أوراقا أسمتها «مسودة النظام الأساسي لاتحاد الجمعيات النسائية» كما جاء في رسالة مديرة إدارة تنمية المجتمعات المحلية.
وكانت المفاجأة التي انتظرناها طويلا. ما هذا؟ هل هذا هو السقط الذي بشرنا به! هل هذا الذي انتظرنا ولادته بعد طول مماحكة وشد وجذب بين الوزارة واللجنة التحضيرية؟ حقيقة لا أعرف كيف أصف ردة فعلي وأنا أتصفح هذه الأوراق التي سميت تارة بالنظام الأساسي لاتحاد الجمعيات النسائية كما ورد في رسالة مديرة إدارة تنمية المجتمعات المحلية وتارة أخرى بالنظام الأساسي للاتحاد النسائي البحريني كما عنونت به الأوراق نفسها، فكلا العنوانين يعطي أي مراقب محايد انطباعا شبه مؤكد بأن هناك ارتباكا واضحا وعدم رغبة حقيقية في وزارة العمل لإشهار الاتحاد النسائي البحريني وان إرسال مثل هذا النظام ما هو إلا استهانة بجهود عضوات اللجنة التحضيرية للاتحاد النسائي البحريني التي مضى على بدء عملها حتى الآن ما يقارب السنوات الثلاث، ما يجعلها أطول لجنة تحضيرية في تاريخ البحرين.
كان على المسئولين في وزارة العمل أن يعلنوا قرارهم بشكل صريح برفضهم إشهار الاتحاد النسائي البحريني بدلا من المماطلة والمراوحة واستنزاف الجهود طيلة السنوات الثلاث الماضية وليتسنى لكل ذي مصلحة اتخاذ الإجراءات القانونية لحماية حقه في تكوين المؤسسات الأهلية، ذلك الحق الذي كفلته المادة 27 من دستور مملكة البحرين ومواثيق حقوق الإنسان الدولية ذات الصلة.
إن ما تسميه الوزارة بالنظام الأساسي لاتحاد الجمعيات النسائية أو النظام الأساسي للاتحاد النسائي البحريني - ايهما تتفضل علينا الوزارة الموقرة وتختاره لنا - ما هو في حقيقة الأمر إلا استخفاف بالجمعيات النسائية خصوصا ومؤسسات المجتمع المدني عموما، هذه المؤسسات التي هي الوسيلة المهمة والأساسية لمشاركة المواطنين في دعم الديمقراطية وتطبيق مبدأ دولة المؤسسات والقانون على أرض الواقع؛ فمؤسسات المجتمع المدني المختلفة ليست شعارا نرفعه أمام المنظمات الدولية أو صورة جميلة في إطار مذهب نتباهى به أمام ضيوف المملكة وانما هي رقم فاعل وشريك في مختلف أوجه التنمية المجتمعية وبالتالي يتحتم التعامل معها بالاحترام الذي تستحقه ويفرضه مبدأ المشاركة.
إن الطريقة التي صيغت بها بنود هذه الوثيقة تشير بوضوح لا لبس فيه إلى أن المسئولين بقسم الشئون القانونية في وزارة العمل لم يراجعوا ما اجادوا به من مواد ضعيفة لا يمكن لأي مشتغل في القانون أن يصيغها بهذا الشكل المهلهل، ناهيك عن كثرة الأخطاء الإملائية وعدم تسلسل المواد بشكل منطقي يتناسب والغرض الذي سيغت من أجله. وبالاحتكام إلى المادة 55 مكررا (2) من قانون الجمعيات والأندية - التي نصت على أن «يضع الاتحاد نظامه الأساسي ولوائحه الإدارية والمالية وتعرض على الجهة الإدارية المختصة لمراجعتها وإقرارها. ويصدر بالنظام الأساسي للاتحاد قرار من الوزير المختص» - نرى أن نص هذه المادة أعطى وبشكل صريح وواضح لا يحتاج إلى تأويل أو تفسير حق إعداد النظام الأساسي للجهة صاحبة المصلحة وهي في هذه الحال اللجنة التحضيرية للاتحاد النسائي البحريني وليس إلى وزارة العمل أو أية جهة أخرى.
إن المتتبع لمسيرة اللجة التحضيرية للاتحاد النسائي البحريني لابد أن يقر بأن اللجنة أوفت بجميع متطلبات وزارة العمل، بما في ذلك إسقاط عضوية الأفراد، وضم الجمعيات النسائية التي مضى على إشهارها عام إلى قائمة المؤسسين للاتحاد. كل ذلك كان من أجل أن يرى هذا الاتحاد النور، غير أن الوزارة أبت إلا أن تعود بنا مرة أخرى إلى المربع رقم واحد، وأن تواصل بدأب - تحسد عليه - لعبة «توم اند جيري»
العدد 563 - الأحد 21 مارس 2004م الموافق 29 محرم 1425هـ