مسألة لابد للطرف الرسمي من استيعابها بصورة دقيقة ومسئولة، وهي ذهنية المعارضة في تحريك علاقاتها السياسية مع السلطة في قبال ذهنية السلطة في تعاطيها مع المعارضة، فالمعارضة أقدمت في التسعينات على طرح مبادرة سياسية للخروج من الأزمة الأمنية بين الشعب والسلطة، وكان للمعارضة الدور الرئيسي في التصويت على الميثاق، ومازالت المعارضة على رغم التصدعات بينها وبين السلطة ضد أي انفلات أمني يحصل بين فترة وأخرى. والسؤال: ماذا تتوقع السلطة أن يكون موقف المعارضة من مشروع تنموي اقتصادي عملاق مثل مشروع «الفورمولا1» سوى حمايته وتشجيعه وإنجاحه؟ ستسعى المعارضة يقينا إلى عقلنة العواطف التي تتحرك باتجاه سلبي ضد المشروع، نتيجة تداخل الكثير من القضايا والملفات، من دون القدرة على التمييز وقراءة التفاصيل السياسية التي تحرك ذهنية المعارضة، فتحجزها عن السلوك الذي يرغب فيه عوام الناس.
يبقى أن الطرف الرسمي في بعض دوائره مصدر رئيسي لاختلاط الأمور وتعقيدها، لكن من وظائف المعارضة أيضا وضع الحواجز والموانع لمنع تدهور الوضع السياسي في البلد، لأن السلبيات تمنعها من المناورة وتحريك الملفات السياسية في إطارها السلمي. تصريح وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي مثلا بشأن حل الجمعيات السياسية أو وقف نشاطها لمدة 45 يوما إذا أقدمت على طرح عريضة يوقع عليها غير الاعضاء، يأتي من معارض سابق عاش أجواءها، وأجواء العمل الرسمي أيضا، لكنه لم ينتبه إلى حرج موقف المعارضة في علاقتها مع الشارع. فالمعارضة أقدمت على تأجيل ندوتها استجابة لطلب رسمي، وتصريح الوزير سيؤسس لوقيعة لا يتمناها بين الشارع والجمعيات السياسية إذا ما حصلت تداعيات مؤسفة، وبالتالي سيحرك الأجندة الخاصة، وسيفقد المعارضة القدرة في السيطرة عليها، فهل يكون جزاء المعارضة العاقلة المجافاة بعد كل مبادرة حسن نية تقوم بها؟
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 563 - الأحد 21 مارس 2004م الموافق 29 محرم 1425هـ