على الأرجح فإن البيان الذي أصدره مجلس الشورى وأكد فيه أن البرلمان هو الجهة المعنية باقتراح تعديل الدستور، يأتي ردا على مقررات المؤتمر الدستوري الذي نظمته أربع جمعيات معارضة منتصف الشهر الماضي.
الملاحظة الأولى أن البيان صدر بعد نحو ثلاثة أسابيع من انفضاض المؤتمر، وكان مجلس النواب أصدر بيانا عقب انتهاء المؤتمر مباشرة وأكد فيه المضمون نفسه الذي أشار إليه بيان مجلس الشورى، وربما هذه إشارة واضحة إلى مدى متابعة المجلس المعيّن لنشاط الحياة السياسية.
الملاحظة الثانية تتعلق بتبادل التصريحات المؤكدة لاحتكار كل طرف (المعارضة)، و(البرلمان) للملف الدستوري. من جانبٍ وجّه الشيخ علي سلمان كلامه إلى الناشطين السياسيين المستقلين وأعضاء الجمعيات السياسية المشاركة وربما لأعضاء البرلمان بأن «المسألة الدستورية تسير في مسار دقيق وحساس جدا وهي في غير حاجة إلى أية مبادرات خارج الجمعيات الأربع واللجنة المكلفة بالملف الدستوري»، بحسب ما قال في إحدى خطب الجمعة الأخيرة. ومن جانب آخر يصدر أعضاء المجلسين بيانات تؤكد أنهم الجهة الوحيدة المختصة بتعديل الدستور.
القضية الدستورية همُّ الجميع، ولن أناقش المواد القانونية، لأن الارتهان لها من دون الأخذ في الاعتبار الحال السياسية، يؤدي بالمشهد السياسي إلى «محلك سر». وبالمناسبة فإن أحد التطورات في الخطاب العلني الذي يتبناه «لوبي الدستوريين» المتشدد أنه أصبح ينظر إلى القضية الدستورية بأنها مشكل قانوني وسياسي، وليس قانونيا فقط. يمكن للمعارضة والبرلمان ولكل المختلفين في الرأي اختيار مواقف لا تمنع على الآخر حقه، ليس في إبداء رأيه فقط، وإنما في تقديم مبادرات وطنية، قد تسهم في الوصول إلى توافق على القضايا المختلف بشأنها، وما أكثرها. لا داعي لحرب تصريحات من هذا النوع، لن تزيد المواقف إلا تعنتا. لنبحث عن «كلمة سواء بيننا وبينكم»، استنادا إلى قوله تعالى «وجادلهم بالتي هي أحسن» (النحل: 125)
العدد 558 - الثلثاء 16 مارس 2004م الموافق 24 محرم 1425هـ