قد لا يصدق المرء طبيعة التحولات المخيفة التي تحدث في حياة الناس الاقتصادية والمعيشية داخل البحرين، وفي عهد الإصلاح، بحيث لو أراد أي عاقل الإمساك بطرف هذه الأسباب التي تتسبب في ارتفاع أسعار الرمل ومواد البناء، وغلاء الأراضي، والمواد الغذائية، ارتفاعا غير تدريجي يمكن فهم أسبابه أو ظروفه الموضوعية، وإنما ارتفاع إلى الضعف، وضعف الضعف، ما يطرح هذا السؤال: إلى أين يريد هؤلاء الوصول بالبلد؟

يضاف إلى هذا الواقع المرير، انكشاف الكثير من السرقات والتجاوزات المالية في أكثر من موقع رسمي وغير رسمي، في ظل واقع مليء بالعاطلين عن العمل، وبالتمييز في الوظائف، وبالتجنيس السياسي المنظم الذي يستنزف خيرات البلد لصالح أناس لا ينتمون إلى هذا البلد، ولا يقدمون إليه شيئا سوى استنزاف خيراته.

والسؤال: أكُلُّ هذا يحصل في عهد الإصلاح؟ أم أن هذا الممارسات كانت موجودة من الأساس، ولكنها كانت على درجة كبيرة من التكتم والسرية لعدم جرأة أي أحد على كشفها؟ إلا أن أصحابها لم يقبلوا بالكفِّ عنها في عهد الإصلاح، فزادوا عليها، من دون مراعاة مصالح المحرومين والفئات الدنيا في هذه البلد الصغير، المحدود الموارد، وأصبحت تجاوزاتهم أمام أعين الناس، كصورة من صور الشفافية المعكوسة؟

والسؤال الأهم: هل هذه الممارسات ضريبة وجود الانفتاح السياسي وحرية الرأي؟ وما مصير الكثير من الملفات التي تهم الناس، في ظل وجود برلمان عاجز عن حلها، ومشتغل بحل مشكلات أعضائه المالية على حساب الناس؟ فإذا كان هذا هو واقع الحرية الممنوحة للناس، يبدو أن عهد التكتم والسرية في ممارسة التجاوزات أفضل، لأن المتجاوزين لن يكونوا نهمين في سرقة أموال الناس، وسيتركون للناس «فضلات» يقتاتون عليها، فلا أحد عندها يرغب في كشف تجاوزاتهم