تراجع المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جون كيري عن موقفه السابق إزاء جدار الفصل الذي يقوم الكيان الصهيوني ببنائه على أراضي الضفة الغربية مطلقا عليه اسم «جدار أمني». وأبلغ كيري نحو أربعين من زعماء المنظمات اليهودية الأميركية لدى اجتماعه بهم في نيويورك الأحد الماضي تنصله من تصريحات سابقة أدلى بها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أمام مجموعة من العرب الأميركيين في ديربون قرب ديترويت في ولاية ميتشيغان، وصف فيها جدار الفصل بأنه «حاجز ضد السلام»، وقال كيري إنه شاهد كيف أن النساء الفلسطينيات يسافرن مشيا على الأقدام ويجبرن على الوقوف في صفوف طويلة مع أطفالهن في نقاط التفتيش الإسرائيلية وهن يحملن حوائجهن.
ونقل مشاركون في الاجتماع عن كيري قوله، إنه سيواصل سياسة بوش في التصويت ضد قرارات الأمم المتحدة إذا كانت تدين «إسرائيل». ونقلت المدير التنفيذي للمجلس اليهودي للشئون العامة حنة روزنتال عن كيري قوله إنه يرى «الجدار مسألة مشروعة وهو دفاع عن النفس»، وإنه وعد أيضا بتحميل الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة مسئولية تشجيع السلام في المنطقة. وقالت روزنتال إن كيري قال إنه إذا فاز بالرئاسة الأميركية فإنه سيكون أكثر مشاركة في «الشرق الأوسط».
ووصف جميع اليهود المشاركين في الاجتماع مع كيري بأن الاجتماع كان ناجحا. وقالت روزنتال إنه من المستحيل لأي شخص ألا يخرج بانطباع جيد. وأعرب بعضهم عن استغرابهم من سبب تأخر كيري عن الاتصال باليهود الأميركيين وعزوا ذلك إلى مسار الحملة الانتخابية.
وقال شقيق جون كيري، كاميرون الذي اعتنق اليهودية إثر زواجه من يهودية أميركية قبل عشرين عاما، إن مواقف شقيقه ثابتة وإنه في ملاحظاته التي أبداها أمام العرب الأميركيين إنما كان يشير إلى شكوك آنذاك بشأن مسار الجدار. وأضاف أن مفاوضات «إسرائيل» الأخيرة مع الولايات المتحدة بشأن مسار الجدار خففت مما أسماه «قلق إدارة بوش».
وقالت رئيسة منبر السياسة الإسرائيلي جوديث شتيرن بيك الذي يشجع المزيد من الانخراط الأميركي في المنطقة إن كيري الذي سبق له زيارة فلسطين المحتلة تحدث عن قضايا واسعة مثل فشل اتفاقات أوسلو وانهيار السلطة الفلسطينية، ودور أنظمة الحكم العربية المجاورة لفلسطين والتهديدات الديمغرافية لمستقبل «إسرائيل» باعتبارها «دولة يهودية».
وأشار المشاركون إلى أن كيري تحدث عن استخدام نفوذ الولايات المتحدة مع الحلفاء العرب لإنهاء التحريض ضد الكيان الصهيوني، والضغط على الفلسطينيين. وذكر أنه دعا الرئيس المصري حسني مبارك إلى محاسبة الصحافة المصرية التي تهاجم الكيان الصهيوني والتي قال إنها «مناهضة للسامية». وقال كيري إن الرئيس مبارك احتج على ذلك وقال إنه لا يسيطر على وسائل الإعلام في مصر. ورد كيري قائلا إنه يعرف «أن الرئيس مبارك يمارس حقا بعض السيطرة على الصحافة».
كما جعل كيري من انتقاداته الموجهة إلى السعودية وعلاقاتها الوثيقة بإدارة بوش بندا مهما في حملته في أوساط اليهود الأميركيين لكسب أصواتهم. وقال إنه «بينما المسئولون السعوديون والمتحدثون باسمهم كرروا أن الحكومة السعودية تعارض أشكال الإرهاب كافة، فإن النظام السعودي منفتح ومتحمس لدعم حماس». وأضاف أنه «لا يمكن للسعوديين أن يكونوا اختياريين وانتقائيين في أوساط الجماعات الإرهابية، يصادقون على بعض بينما يدعون معارضتهم لآخرين». وأدت هذه التصريحات إلى إثارة الانزعاج والغضب في أوساط الناخبين العرب الأميركيين، الذين يؤيدون ترشيحه في مواجهة بوش.
وقال مدير الرابطة الصهيونية لمكافحة تشويه السمعة، أبراهام فوكسمان إن كيري وافق سياسة إدارة بوش لعزل رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، وأيد خطة شارون للانسحاب من غزة. وقال إن كيري تراجع بصورة ضمنية عن ملاحظات سابقة كان أبداها بإرسال الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر أو وزير الخارجية السابق جيمس بيكر كمبعوثين محتملين إلى المنطقة. وسمى هذه المرة شخصيات تعتبر مقبولة أكثر لدى اليهود الأميركيين بمن فيهم المبعوث السابق للتسوية في المنطقة دينيس روس ومستشار الرئيس السابق كلينتون للأمن القومي صموئيل بيرغر. كما قال كيري إنه سيضغط بإصرار أكثر «من أجل تجريد إيران من قدراتها النووية». وقال رئيس المؤتمر اليهودي الأميركي جاك روزين إن «تأييد الرئيس بوش لـ «إسرائيل» كان ولايزال استثنائيا، وهذا لا يعني أن كيري لا يمكن أن يكون استثنائيا، ولكن من الإنصاف أن نستمع إلى كل التفصيلات وهذا غير ممكن خلال جلسة استمرت ساعة»
العدد 546 - الخميس 04 مارس 2004م الموافق 12 محرم 1425هـ