العدد 546 - الخميس 04 مارس 2004م الموافق 12 محرم 1425هـ

الاخ الاكبر و«تلفزيون الواقع»

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

إن الضجة التي أثيرت حول برنامج «الأخ الأكبر» في بلد صغير مثل البحرين وعلى مدار أسبوعين ما هي الا زوبعة تبنتها فئات مختلفة عارضت مبدأ عرضه على رغم ان بعضها لم تشاهد حلقاته في نسخة البرنامج العربية أو حتى في نسخه الأوروبية الأخرى. إن اطلاق الشعارات المناهضة لكل ما هو مستورد - أو بالأحرى غربي - ينطلق من قناعات لا ترتكز على أخلاقيات هذا البرنامج أو ذلك وانما على اختلاف الفهم العام حول الاخلاق.

فمثلا اعتاد المشاهد العربي بمن فيه البحريني مشاهدة برامج عربية لا تخلو من الاباحية وخصوصا اذا استعرضنا ذلك من جانب لباس ومظهر مقدمي أو مشاركي أو ضيوف البرنامج... ومع ذلك فهي تحظى بالمشاهدة وبعملية متروكة لحرية المشاهد... ليس هذا فحسب فالبرامج التي يشاهدها المشاهد العربي أيا كان نوعها هي في الغالب نسخ متطابقة من برامج أجنبية أخرى. فمثلا: عندما كانت قناة LBC اللبنانية تبث برنامجها الشبابي الشهير «ياليل يا عين» فان فكرة وحقوق البرنامج لم تكن عربية بل كانت اسبانية وفرنسية وايطالية... واذا رجعنا الى السنوات الماضية قبل اختراع «الفضائيات» وغزوها البيوت العربية قد يتذكر البعض برنامجا يعرف باسم «استوديو الفن». هذا البرنامج تناقلته الشاشات العربية، وكان يختار مواهبه الغنائية على الطريقة الغربية لكن بنسختها العربية وهو اليوم يشابه «سوبر ستار» البرنامج الذي تبثه قناة «المستقبل». «استوديو الفن» لم يكن برنامجا عربيا بل تقليدا للبرامج الغربية الأخرى في فترة السبعينات... ومنذ ذلك الحين وغالبية البرامج التي تعرض سواء على الفضائيات أو القنوات الأرضية ما هي الا نسخ مكررة ومقلدة، فما الجديد في ذلك؟!

أما اليوم فالوضع اختلف؛ بدأت المحطات الفضائية العربية تتنافس على شراء حقوق البرامج بعد أن كانت في الماضي تسرق الأفكار من دون محاسبة... واليوم تأخذ الإذن من الشركة التي تملك حقوق الملكية الفكرية وتوقع العقد وتتعاقد مع عدة جهات ثم تبدأ بالترويج للبرنامج الى حين يطرح على الشاشة للمشاهدين. هذه العملية لم تكن معروفة في الماضي، ومع ذلك فإن البعض من مجتمعنا سواء كانوا كتابا نوابا أم اناسا عاديين تثيرهم الشعارات الرنانة تحت مسميات وايديولوجيات معينة... فقد قاموا باطلاق الأحكام على «الأخ الأكبر» العربي قبل أن تشاهد عيونهم هذا البرنامج الذي كان يخضع لعملية «المونتاج» أي ربط وحذف المشاهد على رغم ان طبيعة البرنامج لا تعتمد على هذا الاسلوب على الدوام.

ومع ذلك فأنا لست في محل دفاع عن هذا البرنامج على رغم أنني شاهدت بعضا من حلقاته في نسخته البريطانية وايضا شاهدت نسخته العربية الى حين قرار قناة MBC بتعليق البرنامج واعادة النظر فيه... فقد كانت المشاهد عادية جدا لدرجة السخف احيانا وهذه السخافة التي لا يحبذها البعض تأتي من واقع ما يعرف في عالم الاعلام المرئي بـ «تلفزيون الواقع» فالاشياء التي يعايشها المرء بصورها المختلفة اليومية هي ما تمثل فكرة برنامج «الأخ الأكبر».

أما مدى الفائدة التي قد يتلقاها المشاهد العربي من ذلك فهي مسألة راجعة لمختلف الفئات والعقليات، فهذا البرنامج لم يوجه للمشاهد البحريني فقط ولم يطرح تصرفات بعيدة عن واقع مجتمعاتنا العربية من المحيط الى الخليج، فما هو مقبول مثلا في بعض المجتمعات العربية قد لا يكون مقبولا في بعض المجتمعات الخليجية... وإن اثارة مثل هذه الأمور من خلال ما يعرف بـ «تلفزيون الواقع» المقبل الينا من الغرب قد يعكس حقيقة تصرفات الأفراد العاديين التي قد تزعج البعض بحسب معتقداته وأفكاره لكنها في واقع الأمر تعكس لنا تصرفات وعادات الأفراد لمختلف شعوبنا العربية وليست لبحال البحرين فقط التي هي حال صغيرة جدا اذا ما قورنت بالحالات العربية الأكبر حجما. الاختلاف اذن ليس حول برنامج وانما حول اطار أعم واكبر، و «الاخ الاكبر» احد عوارضه

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 546 - الخميس 04 مارس 2004م الموافق 12 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً