العدد 542 - الأحد 29 فبراير 2004م الموافق 08 محرم 1425هـ

جملة وافرة من الأدلة مما استند عليه الفقهاء في إثبات الحجاب

محمود آل الشيخ العالي comments [at] alwasatnews.com

قال تعالي: «وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يُبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يُبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن، أو أبناء بعولتهن أو اخوانهن أو بني اخوانهن أو بني اخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت ايمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يُخفين من زينتهن وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون». (سورة النور - 31)

وقال تعالى: «يا أيها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن وذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذين وكان الله عفورا رحيما» (الأحزاب - 59)

وجاء في نصوص متعدده عن النبي (ص) لعنه للنساء العاريات المتبرجات ما هي مشحونة به كتب الحديث والفقه.

فهناك جملة وافرة من الأدلة كتابا وسنة مما استند إليه الفقهاء في اثبات فريضة الحجاب.

ويكفينا من الأدلة على ذلك من الآيات الآية التي صدرت بها الحديث فقد دلت الآية على ثلاثة احكام استنبطها الفقهاء من الآية.

الأول: حرمة ابداء المرأة لزينتها الا اذا كانت ظاهرة أو كان الناظر ممن ينطبق عليها احد العناوين الاثني عشر المذكورة.

الثاني: على المرأة ان تضرب بخمارها على جيبها فإن الخُمر (جمع خمار) وهو ما يستر الرأس ويغطيها من القماش أو الثوب الساتر لجميع البدن. والجيوب (جمع جيب) وهو الصدر أو اعلاه فيكون المراد من طلب ضرب الخمار على الجيب ستره وتغطيته.

فالمعنى يكون هكذا قُلْ للنساء يسترن بدنهن بواسطة جلابيبهن فإن ذلك أقرب لأن يعرفن بأنهن من أهل الصلاح والعفاف فلا يؤذين من قبل أهل الفسوق والفجور.

الثالث: على المرأة ألا تضرب الارض بقوة برجلها حينما تمشي لئلا يعلو صوت الزينة التي تحلت بها ما قد يثير شهوة الرجال.

ومع صراحة دلالة هذه الآية على الاحكام السابقة إلا أن البعض ممن تصدوا للفتوى وتفسير القرآن ممن هم مبهرون بنفايات الغرب الفكرية والخلقية يحلو له ان يجتهد في مقابل القرآن الكريم مخالفا في ذلك ضرورة من الضرورات الاسلامية وهي حرمة الاجتهاد في مقابل النص.

ويسمح لنفسه مع كثرة الاضاعة وقلة البضاعة العلمية أن يتصدى للفتيا بين المسلمين فيأتي بالعجائب ويخترع المنكرات فقد استنتج عدم كون الحجاب من القرآن وان القرآن لم يذكر الحجاب وانما فرضته جماعات الاسلام السياسي ويستشهد بأحاديث معارضة للقرآن الكريم وذات مضمون باطل تأباه العقول السليمة والطباع المستقيمة فقد استشهد بحديث اورده ابن الأثير في كتاب «اُسد الغابة في معرفة الصحابة» مفاده «ان امرأة ذهبت إلى الرسول (ص) بنقابها فقال لها: يا أمة الله اسفري فإن الاسفار من الاسلام وان النقاب من الفجور».

وقد غاب على فقيهنا العظيم أصلٌ في منهجية الاستدلال الفقهي، ان الحديث إذا كان مخالفا للقرآن الكريم يجب طرحه واسقاطه ولو كان اسناده في غاية الصحة والسلامة.

ثم أين يكون موضع هذا الحديث من النصوص الحاثّة على الغيرة والحشمة وكيف يتم التوفيق بينه وبين الآية التي تقيد سلوك المرأة في مشيها وخروجها بالاحتشام؟.

وأغرب من ذلك ان يستهد لنفي فريضة الحجاب بأقوال من سطر اسمائهم ممن نصبوا انفسهم فقهاء يحللون ويحرمون وكأنه يستشهد بأقوال رسول الله (ص) أو أئمة الدين أو الصحابة الصالحين. ثم يتساءل بقوة وثقة بنفسه مغالا فيها. عدم ذكر الحجاب في (الآية - 31 من سورة النور) وكأنه يريد ان يستنتج من ذلك عدم تصريح القرآن بوجوب الحجاب ويستنبط بعد ذلك حكما لم يلتفت اليه احد من الفقهاء المتبحرين وغفل عنه جهابذة الفقه ومهرة التفسير فيقول مجترئا على الله تعالى، ان الحجاب يخص زوجات الرسول (ص) فقط دون امائه أو بناته.

جزاك الله خيرا إذ أرشدتنا الى حكم هو من مختصات النبي لم يذكره الفقهاء في خصائصه (ص) وتفطنت انت إليه.

واني لأقترح على المجتمع الفقهي للبحوث أن يضمك عضوا لئلا يُحرم المسلمون من افاضاتك وافاداتك. وأحسب انا تجاوزنا هذه القضايا بفضل ما بذلته الصحوة، الاسلامية وما قدمته اقلامها من تأصيل علمي وفقهي وجوابا عن الاشكالات والاستفسارات كتلك التي قدمها العلامة المطهري واستاذ اساتذتنا الشهيد الصدر وأبو الأعلى المودودي والقرضاوي وغيرهم من اعلام الفكر ووجودة الثقافة - الى قضايا أهم وموضوعات حيوية أخرى.

وفي جانب آخر نشهد المحاولات المتعددة لشرعنة الفساد وترويج الأفكار التحللية تحت اغطية وشعارات جذابة تهواها النفوس وتتناغم معها المشاعرون تطبيق خاطئ لمفهوم الحرية على سلوكيات وتصرفات التحرر التي هي انسب بمحيط الانعام ومجتمع البهائم الذي لا مسئولية عليه ولا تكليف بخلاف الانسان الذي كرمه الله وشرفه بالتكليف وعهد إليه بالمسئولية فالانسان من حيث المبدأ عبدالله وشأن العبد الطاعة والالتزام والتعبد والتقوى وكف النفس والاستعصام والورع.

فمن هذا الخلط للمفاهيم وسوء التطبيق لها وبشاعة التوظيف يراد ان تمرر على الانسان المسلم كل المشروعات الثقافية الهابطة وتصادر منه كل القيم والمبادئ الخلقية وهي آخر ما تبقى لنا من قلاع وحصون يريد المشروع المناهض للدين اقتحامها عبر هذه الاغطية والشعارات. فالأمة اليوم تواجه تحديا ثقافيا خلقيا يستهدف ابنائها والقضاء على منظومتها القيمية ومبادئها المعنوية. والخطر في هذه المشروعات انه يراد لها ان تمرر على مجتمعنا من خلال المسألة الاقتصادية ومن خلال ما تجلبه من استثمارات مالية. ويبقى السؤال انه في مقابل ماذا؟

في مقابل القضاء على العفة والحياة وفقدان الأمة لشبابها وشاباتها وشيوع الفساد والتحلل وطغيان القضية الجنسية

العدد 542 - الأحد 29 فبراير 2004م الموافق 08 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً