المتتبع لمسيرة ثورة الإمام الحسين (ع) يرى بجلاء أن الثورة لم تكن فقط سياسية أي بمعنى قلب نظام الحكم الفاسد في ذلك الزمان وإنما تخطت إلى أبعد من ذلك، فهي تعتبر ثورة سياسية دينية اقتصادية. فالظلم الذي استشرى في عروق المجتمع في تلك الفترة أدى إلى انغماس أهله في مستنقع الفساد المالي والإداري، واحتاج إلى ثورة تطهيرية وما أشبه الأمس باليوم فقد تعددت الثورات، فهناك ثورة ضد الاحتلال وأخرى ثورة الكترونية وثالثة اقتصادية. والذي نتطلع إليه هو ثورة اقتصادية داخلية تنبع من الداخل وتهدف إلى تطهير المجتمع من الفساد المالي والإداري حفاظا على الكرامة الإنسانية، لا أن نمسك عصا الإصلاح السياسي ونلوح بها بيد وعصا الفساد الإداري في اليد الأخرى. نريدها ثورة حقيقية ضد الفساد المالي تنبع من داخل نفس الإنسان، وتتبع خطى الثورة الحسينية في رفض المحسوبية وكل ما يتصل بها، وهذا لا يتأتى إلا من خلال تطهير النفس والابتعاد عن كل الشبهات فسرقة الأموال العامة قد تكون ظاهرية ولكنها أيضا قد تكون باطنية.

دعوة موجهة إلى كل مسلم ومسلمة في هذا الشهر الذي ضحى فيه خيرة من أهل العزة والكرامة بأنفسهم من أجل دفع الظلم عن المجتمع ألا تملأوا بطونكم بأموال الحرام، ولا تطعموا أهلكم وأولادكم من أموال الحرام أو حتى من الشبهات فالحساب عند الله عسير وخصوصا أكل أموال الفقراء والمساكين، فالإمام الحسين وأهله لم يقوموا بثورتهم لكي يساندوا فئة معينة على أخرى أو أن تستفيد منها جماعة دون أخرى.

فاتقوا الله أيها المؤمنون في أنفسكم وأهلكم وانشروا الخير فإنه يخص ولكن الظلم يعم