الحياة مواسم وفترات، وهذه الأيام تهب علينا مواسم الامتحانات النهائية، وهي ظاهرة طبيعية تتكرر سنوياً، لكنها لا تمر مرور الكرام، بل تمر برياح عاتية، تتكهرب معها أجواء البيوت، وتتحول إلى ثكنات عسكرية، وحرب دائرة، ونفوس متوترة، والقلوب فزعة، والأحوال مرتبكة، والحياة متوقفة، والأعمال مؤجلة، وأصبح القلق والتوتر هما الحالة السائدة، وعلى الجميع أن يمر في هذه الفترة العصيبة بنفس الشعور، فلم هذا الهاجس من الامتحانات؟
تقول إحدى الأمهات «لقد كنت أنا الممتحنة وليست ابنتي، كنت لا أخرج من البيت إلا للضرورة القصوى» ويتساءل آخر «لا أتذكر أن أبي وأمي يصرخون بنا أيام الامتحانات، كانت وظيفتهم إيقاظنا في الصباح الباكر يوم الامتحان، والدعاء لنا بالتوفيق وتشجيعنا بالهدايا إن حصلنا على نتيجة مرضية، أما اليوم وفي أيام الامتحانات فالبيت يتكهرب كأن حرباً قامت، الأم تصرخ، وتهدد بالحرمان في حالة عدم الاستجابة، فأين الصح ذاك الزمان أم هذا الزمان؟».
لما اختلف الزمنان؟ هل لأن الجيل السابق كان يعي المسئولية من صغره، وإن نجاحه من عدمه في الامتحانات مناط به وحده، وإن الجيل الحالي أصبح لا يعبأ ويعتمد كلياً على والديه؟ من زرع تلك الثقافة؟ وأصبحت فترة الامتحانات أزمة وعبأً نفسياً يتحملها الآباء دون غيرهم، يشير أحد التربويين في هذا الصدد بقوله: «إن أزمة الامتحانات هي من صنع أيدينا نحن الآباء والأمهات، فلإحساسنا بقرب الامتحانات وخوفنا على أبنائنا وعلى تحصيلهم العلمي، نخلق ارتباكاً، فترانا نحاول جاهدين أن نستفيد من الأيام التي تسبق الامتحانات بالمراجعة وعمل الملخصات، وفي الوقت ذاته نمنع أبناءنا من ممارسة هواياتهم المحببة ونضغط عليهم بحجة أنها فترة امتحانات».
ما يسبب هذه الأزمة أنها تخلق شد وجذب بين الطرفين الأبناء الطلاب وآبائهم، فعدم التراضي والإجبار والضغط هي السمة السائدة، فيخلق حالة من التوتر والقلق عند كليهما، والغريب أن الكرة تعاد في كل مرة، وبنفس الإجراءات والمشاعر، وتصبح هذه الفترة - فترة الامتحانات - أياماً عصيبة، وإن لم تمر بهذه الصورة، فإنها تعطي إحساساً للوالدين بأنهما مقصران، لذا يكررون «كل شيء يهون في انتظار نتائج مبهجة». لعل الأسر تتساءل ما العمل في ظل اعتماد الأبناء على آبائهم، وفي ظل الامتحانات المعتمدة على الاستذكار، وتراكم الدروس، فهل نترك الحبل على الغارب؟
إن القلق البسيط الإيجابي هو الذي يدفع الإنسان نحو الإنجاز، وأن المسئولية لا تعني تحمل العبء كله، ومصير النتائج بأسرها، وليس المطلوب من الآباء التجنيد وتشرب الجدية في هذه الفترة، وخلق حالة الشد، ولا الإهمال وترك الأمور وما تؤول إليه، فتربية الأبناء وزرع الدافعية فيهم بالتحصيل العلمي، وخلق حالة من الطموح في الحياة، ومسئولية الاختيار هي الطريق للآباء في عدم تحمل هذا القدر الكبير من المعاناة طيلة سنوات عدة، وفي الوقت ذاته يحصلون على نتائج مبهرة، فيمر تعليم الابن كنسمة باردة دون إزعاج، كما أن إعلان حالة الطوارئ والضغط لا داعي لهما، فإنهما تشبهان حالة المستنفر وقت المصيبة، فالجو التربوي والتفاهم الأسري والروح الواحدة هو المفترض السائد طول الحياة، كما أن اختلاف القدرات والإمكانات والطموح بين الأبناء ينبغي أن يوضع في الميزان. وكل عام وأنتم في الامتحانات أهدأ.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 5369 - الجمعة 19 مايو 2017م الموافق 23 شعبان 1438هـ
بنت المحرق
العيب ليس في ابنائنا وليس فينا .العيب في تكدس المناهج فلو كل ماتم دراسته استبعد للامتحان النهائي لانه تم تقويمه تكوينيا بصورة مستمرة لما كان النهائي بهذه الصورة المتكدسة المخيفة
لابد ان تجعل وزارته التربيه والتعليم ثماني بأئمة على اعمال طوال الكورس الدراسي وعشرين بالمائة على امتحان نهايه الكورس او فصل الدراسي بذالك يذهب كل هذي حالته الطواريء من المنازل وكذالك الأطفال يعيشو حياتهم اكثر اهتمام طوال العام الدراسي ويتمتعو بطفولتهم