اختير عشرة مقاولين شباب بعناية لزراعة الخس والأعشاب العطرية من دون تربة في عشر حاويات في موقف سيارات في قلب بروكلين في نيويورك من دون تراب وتحت إنارة اصطناعية في مسعى للتخلص من المأكولات الصناعية، على أن يجدوا أيضا من يشتري إنتاجهم.
كل واحد منهم يزرع منتجاته في حاوية ويبحث عن زبائن يشترونها في إطار مشروع لشركة ناشئة، لمواجهة المأكولات المصنعة التي تقطع آلاف الكيلومترات قبل الوصول إلى أطباق المستهلكين.
وقد جعلت "سكوير روتس" وهي شركة فتية تعتمد التسويق الهادف، مع نظيرات لها، من هذا الحي النيويوركي عاصمة للابتكار مع ظهور ميول جديدة على الدوام.
ويؤكد البريطاني توبياس بيغز (45 عاما) أحد مؤسسي الشركة والذي كان يعمل سابقا في البرمجة المعلوماتية "هذا الأمر لا يشكل آخر صيحة فحسب فلا شك بأن الحركة من أجل الحصول على مواد غذائية حقيقية ومنتجة محليا حيث يعرف المستهلكون المزارعين شخصيا، هو ميل رئيسي ومتواصل".
المكان المثالي
فمنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016، يدرب المشروع الذي أطلقه مع كيمبال ماسك شقيق إلون ماسك مؤسس "تيسلا"، على تكنولوجيا باتت متقدمة جدا في بلدان اخرى ولا سيما هولندا إلا أنها لا تزال في بداياتها في الولايات المتحدة. وتنمو هذه النبتات في بيئة مغلقة تماما وتصف على طبقات وتعتمد تكنولوجيا الزراعة المائية التي تقوم على خلط المياه بمجموعة من الأملاح المعدنية والمغذيات الأساسية.
وتقول ويلي غودمان التي تعد أطروحة حول هذه المشاريع في جامعة كورنيل أن نيويورك تشكل مكانا مثاليا لهذا النوع من زراعات المدن مع مستهلكين "أصحاب شهادات جامعية وميسورين، مستعدين لدفع سعر باهظ للحصول على أغذية محلية ذات نوعية".
وتؤكد أن عاصمة البلاد المالية تشهد باستمرار إطلاق مشاريع جديدة منها حدائق تقليدية على أسطح الأبنية فضلا عن مزرعة "أيروفارمز" العمودية الكبيرة التي أنشئت العام 2015 في نيوارك في ضاحية نيويورك مرورا ب"غوثام غرينز" وهي شركة تزرع على الأسطح في بيوت بلاستيكية متطورة جدا، أعشابا تكون متاحة للشراء في اليوم نفسه على قطفها في متاجر كبرى في نيويورك.
وبدأ الشباب في "سكوير ورتس" تدريبهم الذي يستمر سنة كاملة، في نوفمبر وقد قطعوا حتى الآن منتصف الطريق تقريبا. ويعتبر توبياس أنه سجل حتى الآن نجاحا أول. ويوضح "أثبتنا أنه بإمكاننا أن نعلم عشرة شباب كيفية زرع أشياء يرغب الناس بشرائها".
وتقوم المرحلة المقبلة "بعد عام تقريبا" على فتح "مواقع" اخرى شبيهة بموقع بروكلين في مدن أميركية اخرى وتحسين عملية الإنتاج ولا سيما الإنارة التي لا تزال مكلفة قبل أن يعمم المشروع على كل أرجاء البلاد.
وقد أبدى نحو مئة شخص أتوا خلال الأسبوع الحالي لحضور عرض حول الحاويات استعدادهم لشراء منتجاتها وحتى خوض هذا المجال ايضا.
50 دولارا للشمندر
وتقول غودمان إن المزارع العمودية لها مستقبل واعد في النبتات العالية الجودة "إلا أن أحدا لا يعتبر أنها ستحل مكان الزراعة التقلدية" القائمة على التراب والنور الطبيعي.
فهي توضح أن الإنارة الاصطناعية مكلفة جدا والأنواع الممكن زراعتها بأسعار مقبولة لا تزال محدودة جدا.
ويقر توبياس بيغز أن كل ما يحتاج إلى كتلة حيوية كبيرة مثل الحبوب والشمندر غير ممكن الآن موضحا "لو زرعت الشمندر فسأبيع كل قطعة منها بخمسين دولارا!".
وترى غودمان أيضا أن ثمة عقبة أخرى تتعلق ببيئة العمل وتسأل "من يرغب فعلا في أن يعمل في حاوية؟".
وهو سؤال بدأ يطرحه بعض المتدربين على الزراعة في مشروع "سكوير روتس" مثل إليكترا جارفيس (27 عاما) التي اختيرت للمشاركة بعدما حصلت على إجازة ماجيستير في البيئة المستدامة.
وتمكنت الشابة التي لم يسبق لها أن زرعت أي شيء من تعلم طريقة الزراعة في غضون أشهر قليلة ومن جذب عشرين زبونا لشراء الخس الذي تبيعه في علب كتب عليها "زرعت بحب من قبل إليكترا جارفيس".
وهي تنوي تحويل "مساحات ميتة" إلى "مساحات خضراء منتجة" لكنها لا تعرف ما ستقوم به في المستقبل "لاني أشتاق الى الطبيعة وأفضل ان أزرع منتجات في الهواء الطلق".