يتطور العالم بشكل سريع جداً، فما نراه اليوم من سيارات طائرة وطائرات بدون طيار وطابعات ثلاثية الأبعاد وغيرها من التطورات التكنولوجية، ما هي إلا نموذج صغير من فكرة المدن الذكية التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الاكتمال.
وتقوم فكرة المدن الذكية، على ربط جميع المرافق الحيوية مثل: إشارات المرور، والمواصلات العامة، وغيرها من الخدمات المدنية، بشبكة الإنترنت، ما يمكّن من الحصول على بعض البيانات المفيدة، والتي تساهم في تفادي وحل المشاكل مستقبلاً.
نسب وأرقام
يعيش الآن نصف سكان العالم في مدن، وبحلول 2050 سترتفع نسبة السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية إلى 70%، والمتوقع أن يكون في دول "مجلس التعاون الخليجي" أحد أعلى معدلات التجمع السكاني في المناطق الحضرية في العالم إذ ستتراوح النسبة بين 80 – 100%.
وعليه، فإن التحديات الحضرية التي تبرز في المدن حالياً من ازدحام وفقر وتلوث ونقص في البنية التحتية والغذاء، يُتوقع لها أن تزداد حدة، وهذا ما يشغل العلماء والباحثين الآن، إذ تحاول أبحاثهم التوصل إلى طريقة تحويل المناطق الحضرية مستقبلاً إلى مدن ذكية، حيث قدرت شركة "يورو مونيتور إنترناشونال" إمكانات السوق العالمية للمدن الذكية بنحو 3.3 تريليون دولار بحلول 2025.
سباق المدن الذكية
تشهد دول "مجلس التعاون الخليجي" بالفعل التحول المدعوم بالابتكار لمدنها في مختلف أنحاء المنطقة، ومن بين التطورات والمبادرات الذكية التي تم إطلاقها خلال الفترة الماضية "مدينة لوسيل" في قطر، و"مدينة الملك عبد الله الاقتصادية" في السعودية، و"واحة دبي للسيليكون" و"حي دبي للتصميم" في دبي، ومدينة "مصدر" كجزء من منصة دبي الذكية.
وتتوقع "يورو مونيتور إنترناشونال" أن تكون نصف المدن العالمية التي ستتحول إلى مدن ذكية بحلول 2025، من الأسواق الناشئة والشرق الأوسط.
دبي الأذكى عالمياً
قطعت دبي اليوم شوطاً كبيراً في طريقها لأن تصبح معياراً للمدينة الأذكى والأكثر سعادة في العالم، تنفيذاً لتوجيهات رئيس "مجلس الوزراء"، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، المتمثلة في تحويل دبي للمدينة الأذكى عالمياً خلال ثلاثة أعوام، وتضمنت استراتيجية التحويل 6 محاور و100 مبادرة رئيسية، كما تم تشكيل لجنة عليا للإشراف على تحويل دبي إلى مدينة ذكية.
ووصلت نسبة التحول الذكي في خدمات "شرطة دبي" إلى 100%، وهو ما ساهم في نيل "القيادة العامة لشرطة دبي" جائزة أفضل خدمة حكومية عبر الهاتف المحمول عن فئة الأمن والسلامة للمرة الرابعة على التوالي خلال القمة العالمية للحكومات.
خريطة طريق
استكمالاً للمشاريع التي بدأتها الإمارات في مسيرة التحول الرقمي، أطلق ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم حديثاً خطة دبي الذكية 2021، ومنصة دبي بالس، مبيّناً أن الإمارة ستحتفل بنهاية عصر المعاملات الورقية الحكومية، بإصدار آخر وثيقة حكومية مطبوعة بحلول 2021، في إطار تحول حكومة دبي نحو النموذج الذكي.
وفي النطاق الأوسع من ذلك، تخطط "أوبر تكنولوجيز" لاختبار سيارات أجرة طائرة بدبي في 2020، ويمكن لهذه السيارات أن تقلع وتهبط عامودياً، وبإمكانها الطيران 100 ميل في 40 دقيقة، كما ستكون خالية من الانبعاثات، وهادئة بما فيه الكفاية للعمل بالمدن.
أما "هيئة الطرق والمواصلات" في الإمارات أطلقت خدمة جديدة، تتيح للمتعامل الاستعلام عن أرقام المركبات المميزة، وشرائها إلكترونياً عبر الدخول إلى موقع الهيئة الالكتروني، ويأتي ذلك بعد أن دشنت الهيئة خدمة التأجير الذكي للمركبات، التي تتيح للمتعاملين، وتحديداً مستخدمي وسائل النقل الجماعي، استئجار المركبات لفترة قصيرة لا تزيد عن 6 ساعات، عبر التطبيقات الذكية على الهواتف المحمولة والأجهزة الحاسوبية.
ولإحداث ثورة في صناعة الطيران، أبرمت شركات "سيمنس"، و"ستراتا للتصنيع"، و"الاتحاد للطيران"، اتفاقية شراكة لتصنيع أول الأجزاء الداخلية للطائرات في منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وذلك باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد.
عوامل مساعدة
تمتلك الإمارات مقومات وبنية تحتية تساعد على انتشار أوسع لتقنيات المدن والمنازل الذكية، وبحسب "غوغل" لدى الإمارات أعلى معدل لانتشار الهاتف الذكي بين السكان في المنطقة، والذي يُقدر بنحو 73.8%، فضلاً عن شبكة بيانات واسعة من الجيل الرابع (LTE) تغطي ما يصل إلى 85% من المناطق المأهولة بالدولة.
كما تحتضن دبي أعلى تصنيف حصل عليه مبنى ذكي في المنطقة بلغ 97%، وفق دراسة أجرتها شركة "هانيويل" بالتعاون مع "نيلسن" و"أرنست آند يونغ".
المشاركة السكانية
مع تطور نمط الحياة، باتت غالبية سكان الإمارات يعتمدون على التقنية لمساعدتهم في تحقيق ما يصبون إليه من توازن بين شؤون المنزل والعمل والترفيه، فتطبيقات الهواتف المتنقلة المتاحة اليوم، والمدعومة بشبكة بيانات الجيل الرابع، التي ستصبح قريباً شبكة الجيل الخامس، تمكنهم من البقاء على اتصال أينما ذهبوا.
ويتركز غالبية السكان الذين يعتمدون على التطبيقات الإلكترونية في إمارة دبي، لا سيما في الخدمات المتعلقة بطلب الطعام والحجوزات الترفيهية، وسيارات الأجرة من "أوبر" و"كريم"، في حين، توجد نسبة لا يستهان بها من سكان الإمارات تفضل إنهاء الخدمات المالية الحكومة بشكل شخصي، كتجديد تصاريح الإقامة والتراخيص التجارية ودفع فواتير بطاقات الائتمان، دفعات القروض، و الغرامات الحكومية، وفق ما بيّنته نتائج الدراسة التي أجرتها "عرب نت" بالشراكة مع "مكتب دبي الذكية" وبدعم من "أون ديفايس ريسيرتش"، لمعرفة مشاركة الإماراتيين في الخدمات العامة وتقييم اعتماد سكان دبي على التطبيقات الحكومية.