تحدّدت أسعار النفط في عام 2017 بفعل التأثير المتضاد لقوتين رئيسيتين موازيتين هما خفض الإمدادات بقيادة منظمة أوبك وزيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. وقد أدت استقطاعات الإنتاج التي تمت الموافقة عليها في نوفمبر 2016 بين منظمة أوبك وبعض المنتجين الرئيسيين الآخرين من غير الأعضاء في المنظمة إلى رفع الأسعار في أواخر عام 2016 وحتى عام 2017، وفق تحليل اقتصادي إلى "قسم الاقتصاد في QNB" اليوم السبت (29 أبريل/ نيسان 2017).
وساعد تنفيذ تلك التخفيضات في بداية عام 2017 على إبقاء الأسعار مرتفعة خلال شهري يناير وفبراير. غير أن أسعار النفط تراجعت في شهري مارس وأبريل وسط شكوك بشأن التزام الدول المعنية باتفاق أوبك ومخاوف من ارتفاع الإنتاج الأمريكي. ونناقش فيما يلي أربعة أسئلة رئيسية حول الإمدادات من دول منظمة أوبك ومن خارجها والتي ستكون حاسمة لأسواق النفط العالمية هذا العام، ونجد أنه من المرجح أن تحدّد زيادات الإنتاج الأمريكي سقف أسعار النفط عند حوالي 55 دولار، في حين أن استقطاعات الإنتاج من أوبك ستحدّد الحد الأدنى الذي ستهبط إليه الأسعار.
أولاً، هل تلتزم دول منظمة أوبك باستقطاعات الإنتاج المستهدفة؟ بوجه عام، كان التزام أوبك بالتخفيضات المستهدفة في نوفمبر 100% في الربع الأول من عام 2017. ويعزى جزء كبير من ذلك إلى خفض الإنتاج في المملكة العربية السعودية بأكثر مما تم الاتفاق عليه، وإن كان هناك أيضاً معدل التزام مرتفع بين أعضاء أوبك الآخرين.
ثانياً، هل يلتزم كبار المنتجين الآخرين بالتخفيضات المستهدفة للإنتاج؟ أبدى المنتجون من خارج أوبك الأطراف في اتفاق المنظمة المبرم في شهر نوفمبر المنصرم قدراً أكبر من عدم الالتزام. فقد التزمت روسيا بحوالي نصف تخفيضات الانتاج المحددة لها، لكن في الواقع قامت دول أخرى بزيادة انتاجها قليلاً. ونتيجة لذلك، بلغت النسبة الإجمالية للالتزام من قبل أعضاء أوبك وغير الأعضاء حوالي 60% خلال الربع الأول من عام 2017. وقد يكون السبب وراء عدم الالتزام بالحصص المستهدفة هو ضعف أسعار النفط.
هل زادت الولايات المتحدة انتاجها نظراً لارتفاع أسعار النفط؟ يبدو أن الجواب هو نعم، فقد زاد انتاج الولايات المتحدة تدريجياً منذ نهاية 2016 مع ارتفاع أسعار النفط إلى حدود 55 و60 دولار للبرميل، وهو المدى المقدر لأسعار التعادل لمنتجي النفط الصخري الأمريكي. وقد بلغ متوسط انتاج الولايات المتحدة من النفط الخام 8.5 مليون برميل في اليوم في شهر سبتمبر مقارنة مع 9.2 مليون برميل حتى الآن في شهر أبريل، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو زيادة الانتاج في حقول النفط الصخري التي يمكنها أن تستجيب بسرعة لارتفاع أسعار النفط.
رابعاً، هل ستقوم أوبك بتمديد اتفاق خفض الانتاج لما بعد شهر يونيو في اجتماعها الذي سيعقد في 25 مايو؟ يُرجح بدرجة كبيرة أن يتم تمديد الاتفاق، فقد باتت المناقشات بين المنتجين تميل نحو التمديد، حيث قال وزير النفط السعودي مؤخراً أن المنتجين من داخل ومن خارج أوبك اقتربوا من التوصل إلى اتفاق لتمديد تخفيضات الانتاج. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تمديد الاتفاق سيُبقي الأسعار عند المستويات الحالية أو عند مستويات أعلى منها.
لكن، هناك أيضاً جدل ضد التمديد، فضعف التزام المنتجين خارج أوبك باتفاق العام السابق قد يجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق جديد. علاوة على ذلك، فإن خفض الإنتاج قد منح طوق نجاة للمنتجين الأمريكيين الذين تمكنوا من زيادة الانتاج واقتناص حصة سوقية نتيجة لذلك.
خلاصة القول هو أنه من المحتمل أن يتم تمديد العمل بتخفيضات الإنتاج، لكن حتى إذا لم يتم ذلك، فإن من المرجح ألا يتأثر المعروض العالمي من النفط كثيراً من ذلك. ومن شأن زيادة الإنتاج من طرف أوبك بعد شهر يونيو أن تؤدي إلى تراجع الأسعار ومنع حدوث زيادات إضافية في الإنتاج الأمريكي. وبالتالي، لا زلنا نتوقع أن يعود التوازن إلى السوق في 2017، وعلى ذلك نبقي على توقعنا لأسعار النفط عند 55 دولار أمريكي للبرميل.