الخطر الذي تتعرض إليه الكائنات البحرية بسبب الأنشطة البشرية الجائرة بمختلف مظاهرها تدعو للتأمل، وتبين الأسباب الجوهرية لذلك الخطر وأبعاده في تدهور بيئات الموائل البحرية وانقراض الكائنات البحرية، وقراءة واقع الخلل في الجانب التشريعي والرقابي وفي جوهر السياسات التنموية والبيئية التي وفق ما تشير إليه البيانات والتقارير في الحقل البيئي أعطت مساحة في تصاعد وتيرة الأنشطة السلبية في بيئات المناطق البحرية والساحلية، والتسبب في حالة التدهور في البيئات البحرية والساحلية، والتهديد بانقراض الكائنات البحرية، وذلك ما حفز المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية في تبني شعار «حماية الكائنات البحرية المهددة بالانقراض في منطقتنا» للاحتفال بيوم البيئة الإقليمي الذي يجري الاحتفال به في 24 أبريل/ نيسان من كل عام.

الخطر الذي تتعرض إليه الكائنات البحرية من الأنشطة البشرية، السبب المباشر في تدهور الوضع البيئي للكائنات البحرية، وتشكل تلك الحالة محوراً رئيساً في معالجات تقرير القائمة الحمراء الإقليمية في مملكة البحرين، إذ جرى تبيان حقائق مستوى الخطر المحيط بواقع الكائنات البحرية بالأرقام، وتحديد النسب المئوية للأنواع المهددة بالانقراض، وذلك ما جرى تبيانه في مقالنا «القائمة الحمراء... وقفة للتأمل» المنشور في صحيفة «الوسط» بتاريخ الجمعة (13 يناير/ كانون الثاني العام 2017)، ويبين التقرير الأسباب الفعلية في واقع التدهور، وبروز ذلك الخطر ويحصرها في الضغوطات والتهديدات المتمثلة في:

1 - التضخم السكاني وتنامي النمط الاستهلاكي والتسبب في الاستغلال غير الرشيد للموارد الحية.

2 - الزحف العمراني وتزايد نشاطات تجريف الحزام الأخضر، وأيضاً تزايد أعمال الردم البحري والتسبب في تدهور البيئات والأنواع والأصناف والسلالات.

3 - الصيد الجائر والصيد الجاني من أبرز الضغوطات التي تواجه البيئات والأنواع البحرية، نتيجة تزايد عدد سفن الصيد بصورة مضطردة وتزايد عدد الصيادين غير البحرينيين، وعدم الالتزام بفترات حظر الصيد، واستخدام أدوات محظورة ما تسبب في تعرض المخزون السمكي للاستنزاف والإضرار بالأنواع البحرية.

4 - التلوث البيئي وتتمثل في حالات التلوث النفطي في المياه البحرية، والتصريف الصناعي وإلقاء النفايات البلدية بصورة غير قانونية تشكل تحدياً لعناصر التنوع الحيوي.

5 - تغير المناخ تحدي بيئي خطير وتسبب ارتفاع درجة حرارة مياه البحر في ابيضاض المرجان وحالات نفوق الأسماك.

الشعار الذي تبنته المنظمة الإقليمية للاحتفال بيوم البيئة الإقليمي وجد مساحة من الاهتمام، تجسد في الأنشطة التي تبنتها قطاعات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية والجهات المختصة في الشأن البيئي، ويمكن تبين ذلك في النشاط الذي تبنته المحافظة الشمالية في مملكة البحرين، وتمثل في تنظيم مهرجان تدشين مشروع تحسين وتجميل ساحل جدالحاج تحت شعار «يداً بيد نحمي بيئتنا البحرية» الذي بدا واقعه البيئي مختلفاً عن السابق، بعد أن جرى جرف وانتشال أطنان من النفايات والمخلفات الملقاة على الساحل.

الندوة البيئية «الكائنات البحرية الثروة الوطنية المستدامة» التي جرى تنظيمها مساء الأحد (23 أبريل2017) في المنبر التقدمي بالتعاون مع «مبادرة دعوا الطبيعة تتكلم» وشاركنا في أعمالها بمداخلة عالجت قضايا «القرار السيادي في صون الكائنات البحرية المهددة بالانقراض» تُجسد البعد الاستراتيجي لشعار يوم البيئة الإقليمي، وتمثلت أهدافها في المساهمة في دعم جهود حماية الكائنات البحرية المهددة بالانقراض، وتسليط الضوء على واقع المشكلات البيئية في المناطق البحرية، وإبراز الأهمية الاستراتيجية في تبني خطة عمل لبناء الإجراءات القانونية لصون الكائنات البحرية، والتأكيد على الأهمية الاستراتيجية للشراكة في تنمية الوعي الاجتماعي البيئي وصون الكائنات البحرية، وتقديم المقترحات وبناء المخرجات المفيدة في دعم برامج صون الكائنات البحرية وإنجاز أهداف التنمية المستدامة.

المخرجات التي تبنتها الندوة تُجسد البعد الاستراتيجي للمسئولية الاجتماعية في دعم جهود صون الكائنات البحرية وتتمثل مخرجات الندوة في التالي:

1 - دعوة مجلس النواب في تنظيم ندوة مشابهة في مبنى المجلس يتولى نشطاء العمل المدني البيئي تقديم عرض لحالة البيئة ومنهجيات الحلول المفترضة وذلك بحضور أعضاء البرلمان لضمان إيصال رسالة نشطاء العمل المدني البيئي إلى قبة البرلمان.

2 - حث أعضاء البرلمان في اتخاذ الإجراءات والتدابير البرلمانية للعمل على إقرار التشريع الوطني في الشأن البيئي وفق المواصفات والمعايير الحديثة المعتمدة في النظام الدولي البيئي.

3 - تخطيط وتعيين المواقع البحرية والساحلية المهمة وتقييم ثروتها الطبيعية والإحيائية، وتحديد الأهمية الاستراتيجية للكائنات والموائل البحرية المتواجدة في بيئاتها، وتسجيلها في السجلات الرسمية كوقف وحق للأجيال المقبلة، وتبني خطة للعمل على إصدار قانون ينظم إجراءات حمايتها، ويحرم بموجبه المساس بمكون نظامها البيئي أو تغيير طبيعتها البيئية.

4 - تعمل جهات الاختصاص المعنية بالشأن البيئي والرقابي في تبني إجراءات مستعجلة لتشديد الرقابة، ومنع الأنشطة والممارسات غير الرشيدة، وأنشطة الصيد الجائر وأعمال تخريب وتدمير وإتلاف الشعاب المرجانية، وتدمير موائل الكائنات البحرية في «هير بولثامة» الغني بثرواته البحرية، لصون بيئاته الطبيعية كثروة وطنية وتسجيله كوقف للأجيال المقبلة يمنع تغيير طبيعة نظامه البيئي، بموجب قانون سيادي يجري إصداره كضمانة تشريعية لاستدامة صون نظامه البيئي.

5 - العمل على إتخاذ إجراءات قانونية ورقابية في أسواق بيع السمك أسوة بما يجري العمل به في الدول المجاورة للكشف عن أنواع الأسماك التي يجري اصطيادها بأحجام صغيرة، وذلك للحد من الصيد الجائر للكائنات البحرية الصغيرة لأنواع تعتبر من الثروة الوطنية في مياهنا البحرية مثل (سمك الهامور والصافي والأنواع الأخرى) التي هي بفعل ذلك السلوك في تناقص متواتر، وتقترب من خط التهديد بالانقراض.

6 - تعمل الجهات المختصة والمعنية في الشأن البيئي تبني خطة عمل علمية تضع في الاعتبار الإجراءات القانونية والرقابية والفنية والتخصصية في الشأن البيئي لمعالجة الأضرار البيئية للتنوع الحيوي، وحالة تدهور الكائنات البحرية التي جرى تشخيصها في تقرير القائمة الحمراء الوطنية، والعمل على نشر ما يجري اتخاذه من إجراءات لتكون معلومة للمجتمع وفق مبدأ الشفافية الذي تؤكد عليه المواثيق الدولية في الشأن البيئي، بما يفيد تعزيز نهج التوعية البيئية للمجتمع.

7 - تعمل السلطة البيئية المختصة في تبني تنفيد برنامج للتوعية بالأهمية الاقتصادية والمعيشية والبيئية للكائنات البحرية، وتبيان مخاطر الأنشطة المضرة بهذه الكائنات، والمعايير والأنظمة التي تحدد الالتزامات والإجراءات العقابية على ممارسة أنشطة الصيد الجائر للكائنات البحرية.

8 - حث الجمعيات ومجموعات العمل المدني الناشطة في الحقل البيئي على العمل لتوحيد جهودها، وابتكار آلية تنظيمية ومنبر فكري في الحقل البيئي يجري من خلالهما بحث وتنسيق الأهداف وخطط العمل المشتركة بالارتكاز على مبدأ الشراكة للمساهمة في دعم جهود العمل الوطني لإنجاز الأهداف الوطنية للتنمية المستدامة.

الجميع يدرك البعد الشامل للآثار السلبية للخلل البيئي في المناطق البحرية والساحلية، وإن ذلك الخلل يمثل تحدٍ جدي لجهود العمل المشترك في إنجاز أهداف التنمية المستدامة، ويبقى السؤال قائماً ما العمل لتجسيد ما جرى تشخيصه من إجراءات وتغيير ذلك الواقع؟