في ديباجة ميثاق العمل الوطني وردت العبارات بين مزدوجين التالية: «كانت البحرين تحتضن بحرية تعدد الأفكار والمعتقدات على أرضها في نموذج نادر المثال في تلك العصور»، «وفي ظل هذا التسامح الروحي والفكري» (والإنساني)، «ازدهرت الثقافة وتعايشت الأديان»، وانتعش «الفكر والوجود».
ومن حيث نظام الحكم، ولسنا في وارد التأريخ، ولكن نلخص مساره بدءًا من «تحت قيادة أحمد الفاتح، في الربع الأخير من القرن الثامن عشر الميلادي... وتوحد البلد تحت نظام الحكم الخليفي»، وانتهاءً بتاريخ 14 أغسطس/ آب1971 في عهد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، كانت البحرين حاكماً وحكومة وشعباً خاضعة لتسلط الاستعمار البريطاني، والدليل التحركات الشعبية المطالبة باستقلال البحرين، والتي أقواها حركة هيئة الاتحاد الوطني في العام 1956 والحركة العمالية 1965 وما بعدها.
وقرار بريطانيا انسحابها العسكري من منطقة الخليج، استتبعه الأهم؛ توافق شعب البحرين بكل قواه السياسية وتعدد دياناته وبفئتيه المذهبيتين الإسلاميتين الأساسيتين، حين أجمع الرأي الشعبي على عروبة البحرين «من خلال الاستطلاع الذي قامت به لجنة تقصي الحقائق للأمم المتحدة».
هذا النموذج الوطني البحريني الأصيل، هو الذي تتمثله جمعية (وعد) في تركيبة عضويتها الشاملة أطياف المجتمع، انتماءً وتلاحماً وطنياً .
وقد تم التعاطي الدولي والإقليمي، والمحلي الرسمي والشعبي، مع متطلبات بدء مرحلة الاستقلال الوطني، وبالأخذ في الاعتبار الخصوصية البحرينية المتمثلة في الوعي الثقافي والسياسي والحقوقي لشعبها، والأخذ باعتبارات الوضع الإقليمي بالنأي بالبحرين عن التنافس الإقليمي بين قوتيه الكبيرتين، واستتباعاً للوضع العربي والدولي، فكان المجلس التأسيسي، ودستور 1973 والمجلس الوطني إلى 23 أغسطس 1975.
إلا أن (وعد) عبر أصلها في الجبهة الشعبية في البحرين آنذاك، لم تغرق في أحلام اليقظة، وتتسلم المتاح غير المأمون انتظامه، وغير المأمون قوامه، وبما حللت الوضع السياسي والتاريخي، ارتأت أن مرحلة ما قبل الاستقلال لن تختلف كثيراً عن المرحلة القريبة بعده، وأن البهرج الديمقراطي والحقوقي لن يتعدى استمراره عمر الطفل، وكان ما توقعت.
وفعلاً كانت الردة التي استمرت 26 عاما، تخللتها حراكات شعبية سلمية، محلية وخارجية حيث التواجد الشعبي والسياسي البحريني، لاستعادة الحياة الدستورية والبرلمانية والحقوقية، أهمها الحراك السلمي المتمثل في المؤتمر الدستوري، الذي كان من جملة حراكات وطنية لـ(وعد) والقوى السياسية الأخرى، وبما قدم الجميع فيه الشهداء والمعتقلين والمُعَذبين، ومنهم من مازال، تحمل نفسه ويحمل جسده آثار تعذيبه، وكانت هناك حراكات الشارع التي قابلت التعاطي الرسمي المتجاوز لحقوق المواطن الدستورية والإنسانية، بما أتاح الوضع لِمَرضى النفوس من بعض مسئولين ومرؤوسيهم، استغلال مواقعهم الرسمية للتربح السياسي والمادي، على حساب الوطن والمواطنين.
حتى ساءت الأوضاع وتعقدت وضاقت السبل، وما عاد من حل إلا الخروج سياسياً من عنق الزجاجة، وهكذا جاءت إعادة نسج الحلم الوطني من جديد، في ميثاق العمل الوطني وجميل أيامه التي ستتبدى في الأيام اللاحقة، وكان من بينها البدء بالسماح بعودة المنفيين سياسياً، والترخيص لأحزابهم وجبهاتهم وتكويناتهم السياسية الأخرى، والتي دأبت على العمل السياسي السري، بالعمل العلني ومن داخل البحرين، ومن حيث أنها أي هذه الأحزاب، كانت قد تبوأت مكانها في كرسي المعارضة، قبل مرحلة الميثاق، فقد كان لزوماً عليها أن تظل كذلك إلى أن تتحقق تلك الأيام الموعودة، التي اختلف تعيينها كما يبدو ما بين الحكم والمعارضة، فقد أرادتها المعارضة في الفصل الحقيقي بين السلطات، التي تراقب وتحاسب بعضها الآخر، بحسب جوهر مبتغى إنشائها، واستتباعاً تكون الأحزاب، هي الرافد للرقابة والمحاسبة وطرح البدائل، بما يطور التجربة السياسية والديمقراطية، وبديهي أن تتطور قوانين وإجراءات حماية كرامة المواطن وحقوقه، والمحافظة على الهوية والنسيج الوطنيين، بما يجعل البحرين كما الحلم أن تكون واحة للعدالة والمساواة بين المواطنين، دون أي مزاحمة من نتاج سياسات تجنيس، أو تفضيل الأجنبي على البحريني في شرف حفظ أمن الوطن والدفاع عنه، أو التمييز في توفير فرص العمل، لينالها التابعُ الطائفيُ، قبالة إفقار المواطن المختلف مذهباً أو موقفاً أو مَطالبا.
هذه جمعية (وعد) المُعارِضَة، حين ارتضت كتنظيم سياسي ورضت لها السلطات، أن تتسجل كجمعية سياسية، فقد وعدت في برنامجها السياسي، أنها ستسعى، متابعةً ومطالبةً وعملا، لتتحقق على أرض الواقع جميع تلك النصوص التي أوردها الميثاق، وصولاً الى استقلالية قرار السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، ومصدرية الشعب لتلك السلطات، ينتخبها ويتابع أداءها ويحاسبها، ويتبين ويتلمس جميع المواطنين، أنهم حقاً متساوون في الحقوق والواجبات وأمام القانون، ولا تجد البحرين وشعبها بأي حال «تعريض أي إنسان لأي نوع من أنواع التعذيب المادي أو المعنوي، أو لأي معاملة غير إنسانية أو مهينة أو ماسة بالكرامة، ويبطل أي اعتراف أو قول يصدر تحت وطأة التعذيب أو التهديد أو الترغيب. وبصفة خاصة يحظر إيذاء المتهم مادياً أو معنوياً، ويكفل القانون توقيع العقوبة على من يرتكب جريمة التعذيب او الإيذاء البدني أو النفسي».
ونضيف بلفت الانتباه في ظل ما تناولته وتتناوله وسائل التواصل الاجتماعي من فيديوهات، إلى السؤال عن مدى توافق بعض الإجراءات مع مواد المرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية وتعديلاته، والذي يعنى بإجراءات القبض والتفتيش والتوقيف والتحقيق والإحالة إلى النيابة العامة والمدد القانونية وما إلى ذلك.
وللمقال بقية.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 5344 - الإثنين 24 أبريل 2017م الموافق 27 رجب 1438هـ
وعد ستبقى بأهلها وجميع الجمعيات المعارضه ستبقى بأهلها رغما هن جميع الانهزاميين والمتخاذلين.
الظاهر صدقت الناس نفسها....قلنا لكم فلم هزلي وأنتهى....الجمهور ألحين لازم يروح....
سماهيجي
مع الاسف جلبت لنا الجمعيات السياسية التفرقه بعد ان كنا اخوه بدأت المشاحنات وخصوصآ في اوقات الإنتخابات ، وبدأت نغمة إن لم تكن معي فأنت ضدي ،،شكرآ
وصلت بهم ان لم تنتخب ما نريد فانت خارج الملة
الله يرحمها وعد